سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مبادرة خادم الحرمين للاستثمار الخارجي فتحت لنا آفاقاً عالمية للتنمية الزراعية.. ونجحت في بناء شراكات تكاملية الرئيس التنفيذي لشركة الراجحي الدولية للاستثمار:
بات الاستثمار الخارجي للشركات الوطنية بمثابة دعامة كبرى للاقتصاد السعودي في المحافل الدولية، كما أصبح شاهدا على مدى التطور الذي بلغه الاقتصاد الوطني في الداخل وقدرته على تحدي الأزمات الكبرى، كما أظهر جيدا الجهود التي يبذلها القطاع الخاص في سبيل توفير المنتجات الغذائية للمملكة، فأصبحت المنظمات الزراعية والشركات المتخصصة تتسابق في هذا المجال، وكذلك في ترجمتها الواعية لأهداف ورؤية مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي في الخارج، وذلك من خلال استثماراتها الزراعية في مصر والسودان وأوكرانيا فضلا عن نواياها بتوسعة مجال الاستثمار في عدة دول أخرى مستقبليا. حول نتائج مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي خارجيا أجرينا لقاء مع الدكتور خالد الملاحي الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات المتخصصة وهي شركة الراجحي الدولية للاستثمار وتجربتهم في توفير مزيد من الإنتاج في الأسواق الخارجية والداخلية، وكذلك توفير فرص العمل، فضلا عن استراتيجيتها النشطة في تأمين المتطلبات الغذائية للمملكة والشعوب العربية الأخرى للحفاظ على الأمن الغذائي العربي، ومواجهة التحديات المستقبلية المتعلقة به. * في البداية نبارك لكم جهودكم ونجاحاتكم على مستوى استثماراتكم الخارجية في المجال الزراعي.. والسؤال هنا هل مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي الخارجي هي من أشعلت فكرتكم للاستثمار خارج الوطن؟ - لا شك أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي الخارجي كانت الدافع الأكبر لانطلاقتنا تجاه الاستثمار الخارجي، بما شكلته من وعي استراتيجي ونظرة بعيدة لقيادتنا الحكيمة من حيث التفكير في تأمين المقدرات المستقبلية للأجيال القادمة وعدم انتظار وقوع المأساة ثم التحرك بعدها على غرار ما حدث عالميا عند التعرض للأزمة المالية العالمية. وقد جاءت المبادرة لتعالج تأثير الأزمة الغذائية التي شهدها بين عامي 2007 و2008 وأدت إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، كما أثرت سلبيا على مستوى معيشة المواطنين في الكثير من الدول، ومنها المملكة، وذلك نتيجة عدة عوامل أبرزها الانخفاض الكبير في الإنتاج العالمي من الحبوب والمخزون منها، والتوجه نحو إنتاج الوقود الحيوي من بعض المنتجات الزراعية، فضلا عن قيام البلدان المصدرة للسلع الزراعية بفرض قيود وإجراءات حظر لصادراتها من الحبوب، وحرصاً من المملكة في المساهمة مع بعض دول العالم لإيجاد حل لهذه المشكلة، جاءت مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الوطني والعالمي وبناء شراكات تكاملية مع عدد من الدول في مختلف أنحاء العالم التي تتوفر فيها مقومات وإمكانات زراعية عالية لتنمية وإدارة الاستثمارات الزراعية في عدد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية بكميات كافية وأسعار مستقرة، وتبع ذلك التوجيه السامي بتقديم كافة التسهيلات المناسبة للمستثمرين السعوديين للاستثمار الخارجي في المجال الزراعي والذي نحن بانتظار تلمسه على ارض الواقع، وهو ما جعلنا من أوائل الشركات التي تستجيب للدعوة الكريمة التي أسستها المبادرة إيمانا منا بمسؤوليتنا الاجتماعية قبل الاقتصادية في المساهمة في كل ما فيه خير الوطن داخليا وخارجيا. ثمرة المبادرة * هل كانت الراجحي الدولية للاستثمار.. ثمرة للمبادرة؟ - الشركة بدأت قبل صدور المبادرة ولكنها أوجدت نوعا من التأييد لرؤيتنا المستقبلية وخلقت لنا الحافز والدافعية للاستمرار وإكمال المشروع، وهي الفكرة التي تلاقت مع النهج التطوري لمجموعة سليمان بن عبدالعزيز الراجحي إيمانا بأهمية عولمة نشاط المجموعة واقتناص الفرص الاستثمارية الزراعية في الخارج، وفقا لذلك تبلورت فكرة تأسيس شركة الراجحي الدولية، وتنظيم وتوجيه الجهود والطاقات لتحقيق تطلعات المجموعة بشكل عام. الانطلاقة * كيف وأين بدأتم نشاطاتكم في الاستثمار الزراعي الخارجي؟ - بدأت الشركة نشاطاتها في مصر والسودان معا، وبالنسبة لمصر فمساحة المشروع المتعاقد عليه بلغت 100 ألف فدان في منطقة توشكى بجنوب الوادي، ونجحت الشركة في شق قنوات الري وتركيب أجهزة الري من مولدات ومضخات ورشاشات وأنابيب، في شكل منظومة متكاملة إلى جانب أعمال البنية التحتية من مجمع سكني وخدمات اجتماعية، ومسجد، ومطاعم، وورش، ومعدات ثقيلة. وفي السودان أقامت شركة الراجحي الدولية مشروعا زراعيا بولاية نهر النيل شمال الخرطوم في منطقة بربر، ومن خلال المشروع قامت الشركة بحفر القنوات من نهر النيل بامتداد 35 كيلومترا لتروي كامل المشروع من مياه النيل في المرحلة الأولى، وينتج المشروع أنواعاً مختلفة من الحبوب كالقمح والذرة والشعير بالإضافة إلى الأعلاف الخضراء، وقد تم استزراع أنواع من البذور لأول مرة في السودان واستخدام العديد من التقنيات الجديدة فيها أثبتت نجاحها. وزار معالي وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم المشروع وكان لزيارته الدعم المعنوي الكبير كما أن فخامة الرئيس السوداني عمر البشير قد قام بافتتاحه رسميا وزار موقع المشروع، واطلع على أبرز إنجازاته، وعبرت الأوساط الشعبية والإعلامية عن سعادتها بمثل هذه المشاريع، منوهين بأثرها الإيجابي على الدولتين، كما قدم فخامة الرئيس السوداني شكره الجزيل لخادم الحرمين الشريفين على مبادرته في الاستثمار الزراعي الخارجي، ووعد بمضاعفة مساحات الأراضي الزراعية المخصصة مكافأة لجهود الشركة في سعيها الجاد لإنجاح هذه المشاريع، وكان مسروراً بما رآه على أرض الواقع عندما حضر لافتتاح المشروع. الصعوبات * ما الصعوبات التي مرت عليكم في مرحلة الدراسات الاقتصادية والجدوى في مشاريعكم؟ - كل عمل لابد ان يواجه صعوبات، ومن الصعوبات التي واجهتنا في مشروع توشكى مشكلة زيادة الأملاح في التربة، ولتوضيح صعوبة الأمر جيدا سنشير إلى أن الاستثمار في تلك المنطقة بدأت شرارته في التسعينيات من القرن الماضي، وبدأت الحكومة المصرية في تذليل المعوقات التي تتعلق بتوفير مياه النيل للمستثمرين من خلال شق القنوات بحيث تتحمل الدولة المصرية شق القنوات وإنشاء مضخات عملاقة، وإيصال الكهرباء للمشاريع الزراعية، التي خصصت لها أراضي في توشكى، لكن النتائج كانت غير فاعلة، بعد أن اصطدم بعض المستثمرين بملوحة الأرض الشديدة، والحاجة إلى شق القنوات داخل المشاريع، مما يقلل من أي فرص للنجاح، حتى اننا كدنا نغادر منطقة المشروع قبل أن يعلن جوفه عن خيره، بعد أن اكتشفنا أن نسبة الملوحة في التربة عالية جدا ولا تسمح بأي زراعة، على الرغم من الدراسات التي أجريناها والزيارات التي قمنا بها لمشاريع سبقتنا في هذا المجال. لكن إصرار الشيخ سليمان الراجحي على البقاء حقق نتائجه، فقد كان واثقا من النجاح ولم يساوره أدنى شك في تحقيقه في أي لحظة، والثقة مصدرها تجربته الثرية خلال ال 30 عاما الماضية عندما صنع كيانات زراعية عملاقة في الرياض والقصيم ووادي الدواسر والجوف باقتدار وتميز نادرين، متزامنا مع التجربة السعودية الكبيرة في هذا المجال. والحمد لله حقق المشروع نجاحا في إنتاج الشعير فقد بلغ معدل الإنتاج 6.8 طن/ للهكتار، وغطى ذلك على كل الصعاب التي واجهتنا، والعمل في درجة حرارة عالية بين الرمال، فضلا عن صعوبة المكان، ونقص الخدمات، وغيرها من الظروف، وتكرر ذلك في السودان ويرجع ذلك إلى أن المشاريع في البلدين تتضمن كامل أعمال البنية التحتية ما يعني منظومة متكاملة تخدم وتغذي تلك المشروعات. الحصاد * هل بدأتم فعلاً في مرحلة الحصاد؟ وما هي المنتجات التي تم إنتاجها في الفترة الماضية؟ وكيف تقيمون جودة المنتجات التي تم إنتاجها؟ - مرحلة الحصاد بدأت العام الماضي فقط كتجارب، ففي مصر احتفلنا بحصاد محاصيل الشعير في مشروع توشكى، وبلغت معدلات الإنتاج في المرحلة الأولى التي تبلغ مساحتها نحو 25 ألف فدان، معدلات مرضية تتجاوز ستة أطنان للهتكار. ولا شك أن حصاد محصول الشعير يعد باكورة إنتاج مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للاستثمار الزراعي الخارجي. وفي السودان دشّنت الشركة حصاد محصول القمح، وتبلغ مساحة المشروع الإجمالية 50 ألف فدان على مرحلتين، تم الانتهاء من استصلاح المرحلة الأولى، وتركيب وتشغيل 100 رشاش محوري، مساحة كل محور 150 فداناً. مزايا الاستثمار * ما هي الميز التنافسية للاستثمار الخارجي؟ مثلاً في مصر والسودان؟ ما الحوافز التي جعلتكم تتخذون القرار؟ - ما يميز الاستثمار في توشكى بمصر وجود عنصري الماء والكهرباء وكذلك عقود الاستثمار الاجنبي. علما أن ما منح للشركة هو إعفاءات جمركية أما الماء فتقوم الشركة بدفع مبالغ مقابل كل متر مكعب والكهرباء كذلك أما المناخ فلا بأس به لبعض المحاصيل الاستراتيجية مع وجود عواصف رملية في بعض الاوقات من السنة. أما السودان فيكفي أنه يوصف ب «سلة الغذاء العربي» حيث تمتاز أراضيه بالخصوبة والإنتاجية العالية، ووفقا لتقارير صادرة عن البنك الدولي فإن السودان يزخر بموارد عظيمة وهائلة تتمثل في أراضيه الشاسعة ومناخاته المتعددة، فضلا عن سلسلة من الحوافز الاستثمارية التي تعرضها حكومة السودان مثل الإعفاءات الضريبية الجزئية وتقديم الأراضي بأسعار رمزية لأنها أراض خام تحتاج إلى تطوير، وإتاحة الفرصة للمستثمرين الأجانب بالعمل بدون شريك سوداني، وغيرها. * أوكرانيا.. كيف ترون قراركم بالاستثمار فيها؟ - فيما يتعلق بأوكرانيا تثبت الدراسات أن طبيعة هذه البلاد تزخر بالموارد الطبيعية وهي من أهم الدول في تصدير الشعير وكذلك أنواع الحبوب الأخرى مثل الصويا والذرة الصفراء وغيرها، كما انها غنية بالكوادر الفنية. ولكنها تحتاج إلى توظيف الاستثمارات والتقنيات الحديثة وعندها سيكون عائد التعاون عاليا جدا، كما أن أوكرانيا تمضي الآن على طريق الانتقال من اقتصاد الهيمنة المركزية للدولة إلى مبادئ اقتصاد السوق الحر، إلا ان قوانين التملك والتصدير غير ثابتة وهناك تذبذب واضح في التشريعات فهي حتى تاريخه ليست بيئة تشريعية جاذبة للاستثمار ونحن هناك نستثمر في الأصول التي يسمح النظام بتملكها مثل الصوامع وخدمات الموانئ أما الأراضي فجاري الاستئجار لمدد حوالي عشر سنوات. تعاون الحكومات * كيف ترون تعاون الحكومات مع الشركات الأجنبية في استثمارها زراعياً في بلدانها؟ - بالجملة نرى حماسا لدى السلطات العليا ولكن هناك عقبات ومشاكل في الطبقات الادارية المتوسطة او الدنيا، لذا فنرى الحذر كل الحذر من الوعود من الجهات التنفيذية العليا والتأكد من الاجراءات النظامية والقضائية في البلد المستهدف والاتصال بالمكاتب الموثوقة لتولي الاستشارات والارشادات في هذا المجال. * كيف تمكنتم من معالجة الصعوبات وتلافيها؟ في استثماراتكم خارجياً؟ - كما ذكرت في الإجابة السابقة لم نقم على اي استثمار بمجرد وعد ولكن من خلال التوثيق المسبق، كما أننا ابتعدنا عن المعارف الشخصية تماما وأكررها تماما لان الدخول من خلال معارف للوزير الفلاني أو المسئول الفلاني هو تبديد للجهود ومخاطرة عالية وقد يسيء لسمعة المستثمر السعودي من حيث مهنيته أو تعرضه للابتزاز لا سمح الله. * ما تأثير المتغيرات والأحداث الجارية في العالم العربي الآن على استثماراتكم؟ - كما أشرت سابقاً أن استراتيجيتنا في الاستثمار لم تعتمد على المعارف والعلاقات الشخصية، بل كانت تتخذ الطرق الرسمية والجادة ومن خلال مكاتب محاماة دولية ومحلية متخصصة. في سبيل تحقيق الاستثمار الأمثل، ويبنى هذا الاستثمار على تحقيق المنفعة المتكاملة بين أطراف هذا الاستثمار الدولة والمواطن والمستثمر، وبهدف رئيسي هو عمارة الأرض بما ينفع الناس. وتحقيق أمن غذائي يعود بنفعه على الجميع، لذلك ولله الحمد لا يوجد لدينا أي تخوف من أي تغيرات تجري من حولنا. الخطوات القادمة * هل لديكم نية واستراتيجية واضحة للتوسع خارجياً في الاستثمار الزراعي؟ - منذ أن بدأنا العمل ونحن نفكر في المستقبل، وندرس خطواتنا جيدا حتى لا نتعرض لخسائر غير متوقعة، ولدينا من الإمكانيات ما يمكننا من استشراف المستقبل بإذن الله. فمكاتبنا الاستشارية تُجري الكثير من الدراسات والبحوث لتوقع التغيرات المستقبلية ووضع الخطط الاستراتيجية للتعامل مع هذه التغيرات بروح المبادرة الاستباقية للوصول إلى الاستفادة القصوى من الفرص الاستثمارية في الدول الخارجية بما يعزز قدرات الشركة في تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة، وأيضا نحن لم نكتف بالمشروعات القائمة بالدول المتواجدين بها حالياً ولكن بدأنا بدراسة وزيارة عدد من الدول في كافة القارات التي من الممكن التوسع والاستثمار فيها، فضلا عن العروض التي تصلنا باستمرار من قبل بعض الدول والشركات والتي تعرض علينا العديد من المشاريع كونها تتطلع لمشاركتنا لها في التأسيس والإدارة نظراً لخبرتنا الواسعة في هذا المجال، فهناك فرص معروضة علينا في استراليا وجنوب افريقيا والارجنتين وموريتانيا بالإضافة إلى كازاخستان وغيرها.