تصر طائفة الآميش (Amish) المستوطنة شمال الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا، على رفضها الاحتكاك بالعالم الخارجي أو الاندماج في المجتمع المتمدن من حولهم. وهذا منذ نشأتها في العصور الوسطى في أوروبا، إذ تعتبر طائفة مسيحية تجديدية العماد، وتتبع الكنيسة المنونية، وتندرج تحت المسيحيين الجدد الآنابابتيست، فيما يبلغ تعدادهم 300 ألف موزعين بين 22 مستوطنة في القارة الأمريكية. يعتقد الآميش أنهم ملتزمون بتقاليد الإنجيل الذي يحتفظون بنسخة قديمة منه بين أيديهم، ويذكر أنهم يتحدثون ثلاث لغات، أولها اللغة اليومية في المنزل وتكون أقرب لألمانية «بنسلفينيا داتش»، ولغة «هاي جيرمان» للصلاة والتراتيل، وفي المقاعد الدراسية يتحدثون اللغة الإنجليزية. وأقدم جماعة آميش تعيش في مقاطعة لانكستر، وهي منطقة نائية زراعية في أوائل العشرينيات من القرن الثامن عشر، بعد أن واجهوا موجات مناهضة وعنيفة ضدهم، بلغت إلى حد «التكفير» من قبل طوائف الكاثوليك والبروستانت مما قاد مؤسسها الأول القسيس مينو إلى تأسيس حركة دينية تفر لحماية دينها، ولتنجو من القتل والتشريد انتهى بها المطاف على يد القسيس يعقوب آمان الذي قاد الهجرة من أوروبا إلى الشمال الأمريكي في العام 1693. وبعد استقرارهم في القارة الأمريكية شرعوا في تأسيس مجلس للإفتاء يطلق عليه «أولد أوردر»، ويتكون أعضاؤه من كبار السن والشيوخ لمعرفتهم الرصينة بتعاليم محددة تسمى «الأوردينان»، وقد حاولوا أن يوقفوا قرارا إلزاميا في «أمريكا» في مطلع السبعينيات من القرن الماضي ولكنهم باؤوا بالفشل، فاضطروا إلى استصدار فتوى تجيز الدراسة للأطفال، وتنقل المرأة في وقت الضرورة بالسيارة إلى أقرب مدينة لتبتاع ما ينقصها. فيما حياتهم ترفض الحضارة جملة وتفصيلا، ويخيل إلى الرائي أن الزمن قد عاد به إلى القرون الماضية. إذ لا يستخدمون الكهرباء، ولا يركبون السيارات، ولا يمتلكون هواتف أو مواقد للغاز. يسكنون في بيوت متفرقة من صنع أيديهم، ولا توجد بينهم محلات تجارية وإنما كل بيت يمتهن حرفة يشتهر بها ويسد قوت يومه. أما نساؤهم يرتدون حجابا يظهر مقدمة شعورهن، ولا يخرجن من المنزل إلا في حدود المزرعة أو المرعى. ورجالهم يطلقون اللحى ويحفون الشوارب مع ارتداء قبعة سوداء في رمزية للاضطهاد الديني الذي واجهوه في السابق.