إذا كان هناك من ميزة وحيدة تحسب لانخفاض أسعار النفط، فهي برنامج التحول الوطني الذي يجري العمل على إعداد محاوره الأساسية حاليا، بعد الإعلان عن بعض مجالاته خلال الأسابيع الماضية، فمن المعروف أنه على مدى الثلاثين عاما الماضية على الأقل، وضعت خطط التنمية الخمسية تنويع القاعدة الإنتاجية وتقليل الاعتماد على النفط في صدارة الأولويات، إلا أن ذلك الأمر لم يتحقق لفتور الحماس له، وفي ظل وفرة العائدات المالية. ولعل البرنامج يعني ببساطة، قلب المعادلة الراهنة، وهي تخفيض نسبة اعتماد الميزانية على إيرادات النفط من 80% إلى 30 أو 40% فقط، فيما يجري الاعتماد في تمويل الميزانية من جوانب أخرى، من أبرزها الصناعة والسياحة والتعدين والتوسع في برامج الخصخصة لتقليل الأعباء المالية على الدولة، والواقع أن تحقيق هذه الأهداف لن يكتمل إلا بالجهد والعرق، لوجود معوقات عدة، من أبرزها العنصر البشري المستفيد من الوضع الراهن في كل مكان في الوطن، ويجب البحث عن كوادر مؤهلة لقيادة عملية التطوير والتنويع في الإنتاج، كما أن من بين المعوقات، صعوبات الخصخصة التي تستدعي إعادة هيكلة العمالة والإبقاء على الكوادر المطلوبة وفق الاحتياج فقط، وهو الأمر الذي يعني الاستثمار في الذات لتطوير القدرات العملية، كما يجب إزالة المعوقات أمام الاستثمارات الأجنبية سواء من النواحي التنظيمية أو الإدارية، بعد أن تراجع الاستثمار الأجنبي بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، ويبقى المحك الأساسي في أن تتحول المملكة من دولة مستهلكة للتقنية إلى دولة منتجة لها، أو على أقل تقدير مرشدة لاستيرادها، ولن يتأتى ذلك سوى من خلال توطين التقنية والتوسع في الشراكات العالمية في المدن الاقتصادية الجديدة، أو المدن الصناعية القائمة حاليا. وفي كل الأحوال يبقى التحدي الرئيسي على الجانب الحكومي الذي شرع بإجراءات شجاعة بالفعل تتمثل في خفض الانفاق الحكومي وترشيده في الكثير من المجالات، وتعديل أسعار الوقود والكهرباء والمياه لترشيد الاستخدام والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة وتوفير المليارات لدعم الميزانية في المرحلة القادمة. عبدالإله مؤمنة كاتب اقتصادي