اتفق باحثون وأكاديميون شرعيون على أن ظهور انحراف فكري لأحد المؤذنين، لا يعني تعميم الخلل على الكل، إلا أنهم طالبوا بتكثيف الجرعات العلمية والفكرية لكافة الأئمة والخطباء والمؤذنين، لتفادي أي انحرافات فكرية لاحقة. وشددوا على أهمية إجراء اختبارات ولقاءات دورية لتعزيز الجانب الفكري والشرعي الوسطي ومنع تسلل أي حامل لفكر متطرف في هذا الوسط. وشكل انتماء الإرهابي التويجري لفئة المؤذنين، صدمة لعدد من المنتمين لهذا المجال، باعتبار المساجد هي نافذة التوعية التي يجب أن تنطلق منها مكافحة الفكر الضال والأفكار المنحرفة. إلا أن المستشار والداعية الدكتور غازي بن عبدالعزيز الشمري، اعتبره حالة فردية لا تنساق على المؤذنين ولا الأئمة، والذين يعملون على مكافحة الفكر الضال عبر الدروس والبرامج التوعوية الفعالة، مشددا على أن التوجيهات واضحة في عدم تعيين أي إمام أو خطيب إلا بعد اجتياز عدة مراحل وموافقة عدد من الجهات، مبينا أن وزارة الشؤون الإسلامية تبذل جهدا وتقوم بأدوار واضحة لا غبار عليها، إلا أن المطلوب أكثر خصوصا في ظل ما تمر به بلادنا من ظروف استثنائية. ولفت إلى أنه «الواجب عدم محاباة أو مجاملة أي شخص في هذا الوسط ممن يحمل أي فكر غير الفكر الوسطي المعتدل وتطبيق النظام على المخطئ كائنا من كان ولو كان ذلك منتهيا بالفصل، ونحن نستبشر خيرا في المرحلة القادمة وجهود القائمين على الوزارة». واقترح أن تطلق الوزارة جوائز للمتميزين سعيا للتحفيز، فضلا عن لقاءات شبه دورية مع الأئمة والخطباء من جهة ومسؤولي الوزارة من جهة أخرى. وبين أن مهمة الدورات المذكورة تثقيف وتوعية الأئمة والمؤذنين والخطباء بدورات مناصحة ومعالجة وتقوية للجانب الفكري والشرعي وبما يجب عليهم من أدوار، لافتا إلى أن من المهم أن تكون هذه الدورات مستمرة ومكثفة ولا تقتصر على فترة بسيطة ثم تختفي. وشدد عضو مجلس الشورى سابقا وعضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الدكتور حاتم العوني الشريف على أن أحوال بعض الخطباء بحاجة إلى شيء من الترشيد والمتابعة من حين لآخر، وهم بحاجة إلى تصحيح الوضع وترشيد الواقع وربما يكون ذلك بعقد دورات أو لقاءات أو استفتاءات. وبين أن المتابعة تكون بمراجعة بعض الخطب التي يلقونها ليتثبتوا من المضمون العلمي والمعرفي الذي تحتويه وخصوصا تلك القضايا الخطيرة التي تهدد وحدة الوطن ونسيجه المترابط. وأضاف: «أثر خطبة الجمعة عظيم، ولا أعرف شيئا يجتمع له الناس كل أسبوع على مدى العمر بأكمله كما يحصل في خطبة الجمعة فلو رشدت هذه الخطب لوجدنا ثمارا كبيرة نافعة ونتائج مبهرة». أين ضوابط المؤذنين؟ انتقد عضو هيئة التدريس بالمعهد العلمي في جدة التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور حسن بن أبكر الأزيبي ضعف التحصيل العلمي لعموم المؤذنين وعدم خضوعهم لاختبارات دقيقة في الجانب الشرعي والفكري، فضلا عن ضعف التأصيل الشرعي لهم. وقال في تصريح إلى «عكاظ»: «كثير من المؤذنين ليس لديهم علم شرعي مؤصل، (...) وليس هناك ضوابط واضحة أو شروط مهمة لتعيين المؤذنين، وعدد منهم من العامة ومن حملة الابتدائية والمتوسطة، كما لا يشترط إحضار تزكيات من العلماء في تعيينهم، بخلاف حال الأئمة والخطباء». واعتبر الجهل لدى بعض المؤذنين (خاصة غير المعينين رسميا)، بالعلم الشرعي وعدم الدراسة على العلماء والمشايح الراسخين المعروفين أدى لضعف العقل والجهل وضعف التقوى، فيسهل أن ينساق بعضهم وتؤثر عليهم العاطفة، نظرا إلى ضعف الجانب العلمي والشرعي، لأن التأصيل الشرعي يحمي صاحبه وله دور في حفظ العقل، كما أن بعض من ينحرف ليس شرطا أن تكون دوافعه دينية، بل ربما من قبيل الحسد والحقد، وعموما.. المسألة تحتاج إلى دراسة.