اختتم بالرياض الأسبوع الماضي منتدى التنافسية الدولي التاسع، وهو حدث سنوي يعنى بتنافسية الاقتصادات الدولية، وبرغم أني لم أحضره، إلا أنه من المنتديات التي يسهل متابعتها لحظيا من رابطه على النت، هو أيضا نوع من المؤتمرات غير المريحة نفسيا، حضرت سابقا دورتين فأيقنت أن سنوات ضوئية تفصلنا عن القوم. «مقاولوهم» يشيدون مدنا في الكواكب المجاورة وبأعماق البحار، و«مقاولونا» يعجزهم إنشاء أحياء على الأرض، يقولون بتنافسية تقبل القسمة على أكثر من اثنين، و«منافسونا» لا يقبلون القسمة على أكثر من واحد، يمكنك كتابة مداخلتك على جوالك وبعثها من مكانك فيقرأها مدير الجلسة آنيا على الحضور. قيل الكثير بمنتدى هذا العام وقد أعود لبعضه لاحقا، أكتفي اليوم بورقتي وزيري التعليم والإسكان فيه. فاجأ وزير التعليم الجميع أن تكون الخصخصة أولى خطواته لتطوير التعليم، تحدث عن أربعة مجالات للشراكة مع القطاع الخاص، دعم التعليم الأهلي لرفع نسبة استيعابه للطلبة من 14.5% حاليا إلى 25%، تخصيص بعض المدارس الحكومية، مشاركة القطاع الخاص في بناء وتشغيل المدارس الحكومية، إنشاء ذراع استثماري للوزارة لاستثمار مرافق وأراضي الوزارة لتمويل مشاريع الوزارة. السؤال، هل لدينا بيئة استثمارية تساعد؟، هل هناك نظم وقوانين تمهد لهذه الخصخصة؟، دول كثيرة خدمتها الخصخصة، لكن بعد تطويعها وتقنينها، هل فكر الوزير أن هكذا تمييز في التعليم قد يؤدي للطبقية فيه؟، وما دام هناك أراض للوزارة، لم كانت تشتكي من ندرتها درجة استئجار مبان غير صالحة لمدارسها؟، وهل تكون مأسسة المدرسة بتسليمها لمعلمين تشتكي الوزارة من تقاعس بعضهم؟، إن كان ولا بد لم لا نفتح فروعا لمدارس خارجية وتتحمل الوزارة عبء الرسوم. وزير الإسكان هو الآخر فاجأ مستمعيه باحتياجه 1.5 ترليون ريال استثمارات محلية ودولية للتطوير العقاري، لا أدري إن سأله أحد عن مشاريع الوزارة القديمة، أو ماذا تم بشأن الخمسمائة ألف وحدة سكنية، غير أنه أفاد أن الميزانية المعلنة ما زالت تنفق كثيرا على مشروعات البنى التحتية، وأظنه يقصد الميزانية العامة، إذ لم يتطرق البتة لميزانية وزارته، ولا أعلم لم. هنا نواجه ذات إشكالية وزارة التعليم، بل هي إشكالية كل تحول نحو الخصخصة كحل سحري، تبنيها قبل فرض شروط نجاحها، فنكون كمن يضع العربة أمام الحصان.