فرضت الأحداث التي شهدتها جائزة البوكر في دورتها الأخيرة، إن على مستوى الاختيار، أو على مستوى التحكيم، حالة من الشك في آلية اختيار الرواية الفائزة، ونزاهة لجنة التحكيم وإن كانوا بعيدين عن الضغوط الخارجية لاجتياز رواية معينة أو أهواء داخلية للانسياق لأحد الأعمال ما جعل «عكاظ» تطرح سؤالا على بعض الروائيين: هل فقدت «البوكر» مصداقيتها؟ بداية قال الروائي حجي جابر: يبدو من الصعب الانجرار وراء هذا الحكم القاسي على جائزة بحجم البوكر قدمت الكثير للرواية العربية وبثت الحياة في مشهد كان فاترا قبلها، وأضاف: الرواية العربية قبل البوكر هي غيرها حتما بعد البوكر، لكن ذلك لا يجعلنا نغفل الأثر السيئ والضرر البالغ الذي تحدثه مثل هذه الأمور في سمعة الجائزة ونزاهتها. وأشار حجي إلى أن «الحادثة الأخيرة خطأ إداري في ظاهره، لكنه كان يمكن أن يمر بهدوء لو لم تلتفت له الصحافة الحرة، وهنا جاءت أمانة الجائزة مشكورة لتحسم الجدل، برأيي أن على البوكر أن تقترب من القراء أكثر وتضع بينها وبين مافيات دور النشر مسافة، ليتها تُشرك القرّاء في تقييمها للأعمال المترشحة أسوة بأبرز الجوائز حول العالم، وألا تحصر ذلك في اللجنة المكوّنة من خمسة أشخاص أمامهم فرصة كبيرة لتغليب مصالحهم الشخصية كما حدث من بعضهم في دورة هذا العام للأسف. وأكد حجي أنه كما بإمكان البوكر نشر أسماء جميع الأعمال المتقدمة للجائزة على موقعها حتى يصبح من السهل معرفة إن كانت عناوين القائمة الطويلة هي الأفضل بالفعل. من جهته، قال الروائي خالد المرضي: في البداية أرى أن الجائزة بما أنها نسخة عربية لجائزة عالمية يجب ألا ينظر إليها خارج سياق الثقافة العربية في مجملها، أعني نسيج العالم العربي واقتصاديا وجغرافيا .. إلخ؛ أي أن كل هذه الأمور قد تشكل روح الجائزة وهيئتها في وعي أو في لا وعي القائمين عليها، وبالمناسبة فالارتباكات التي جرت مؤخرا وطفت بصورة غير أدبية ليست وليدة اليوم، فمنذ نسختها الأولى في عام 2008 التي ذهبت إلى واحة الغروب لبهاء طاهر ومرورا بالنسخ التالية تبدو تجاذبات في الوسط الأدبي فيما يخص لجنة التحكيم أو النقاد ودور النشر وحتى المتابعين من القراء، أضاف مرضي: نعرف أنه كانت هناك انسحابات من لجان التحكيم وردود أفعال لكتاب لم يفوزوا وما إلى ذلك، أو اتهامات بانحيازات جغرافية تعمل على خلق توازنات حدودية تشبه تلك التي تحدث في أمور السياسة أو الرياضة أيضا! غير أني أرى من وجهة نظر خاصة أن الحكم على أمر ما يجب أن يلتفت إلى حسنات وسيئات، مميزات وعيوب، وأرفض مبدأ القداسة والطهارة في أي فعل بشري، كما أرجح أن يتسلل الشيطان في التفاصيل ولو في هيئة ملك، وجائزة البوكر في نسختها العربية ليست خلوا من ذلك، هناك أعمال إبداعية لم تصل إلى القائمة الطويلة في النسخات الماضية، وهناك أعمال وصلت للقائمة ولم تفز، وأشار مرضي إلى أن العملية الإبداعية تبقى في سلم الوصول إلى الفوز رهينة جزء من تجاذبات كبيرة كما ذكرت، وتبقى للجائزة مكانتها في التعريف بالرواية العربية وفي اجتذاب القارئ لهذا الفن الأدبي العظيم، ولابد في النهاية من رواية واحدة فقط ستفوز بالجائزة، إلا أنها لن تكون على قمة الهرم الإبداعي بالضرورة! هل ستنهار الجائزة؟ لا أعتقد ولا أتمنى لها ذلك.