مازال أحد الكتاب الذين أسقطهم انهيار مشروع جماعات الإسلام السياسي في العالم العربي وفي مقدمتها تنظيم «الإخوان»، يدبج البكائية تلو الأخرى ليقول للناس إن هذا التنظيم ليس شريرا بالقدر الذي يصوره خصومه الذين يصفهم مرة بالليبراليين ومرة ب«الوطنجيين» ومرة ثالثة بأنهم «صناع الكوابيس»، متجاهلا أن تجريم تنظيم الإخوان هو قرار رسمي حكومي وضع هذه العصابة على قائمة التنظيمات الإرهابية بإشراف وزارة الداخلية. لم أكن لأتطرق لبكائيات هذا الكاتب الغارق في التعاسة والإحباط بشكل أزكم أنوف قراء مقالاته لولا أنه عرض بمقالة سابقة لي طالبت فيها بهيئة عليا لتنظيف مؤسسات الدولة من بعض المندسين من أتباع التنظيمات الإرهابية، فهو شخصيا يدرك قبل غيره أن الدفاع عن التنظيمات الإرهابية المعلن عنها رسميا ومنها «الإخوان» قضية خاسرة وأن التعاطف معها جريمة يعاقب عليها القانون وفق الأمر الملكي الكريم رقم أ/44 وتاريخ 3/4 1435 وبيان وزارة الداخلية بتاريخ 6/5/1435، وهذا بالنسبة لصاحبنا هو الكابوس الحقيقي الذي يحاول الالتفاف عليه ببكائياته الساذجة وتوجيه خصومته باتجاه مخالفيه في الرأي، معتقدا أنه بذلك يتجاوز حقل ألغام تم تجهيزه لاصطياده، ومثبتا للمرة الألف أن كوابيسه صناعة ذاتية لميوله التي لم يتمكن من معالجتها رغم كل خسائره. في مصر يعرف أتباع تنظيم الإخوان حاليا بجماعة «بص حضرتك»، ذلك لأن أشهر عبارة تتردد على ألسنتهم عند كل نقاش سياسي هي «أنا مش إخوان بس بص حضرتك...» ليدبجوا بعدها كل عبارات المديح والتأييد للتنظيم وممارساته وقياداته، وهو نفس السلوك الذي يتبعه هذا الكاتب في مقالاته، وأنا هنا مضطر لتذكيره ب«بطة جون ماكين»، وهي حكاية طريفة يحلو لمعارضي إسقاط المشروع الإخواني في مصر ترديدها دائما لدعم موقفهم لكنها تنطبق عليهم في الوقت نفسه عندما يرددون «أنا مش إخوان بس بص حضرتك».. يقول ماكين: «إن ما يصدر صوتا مثل البطة ويمشي مشية البطة فهو بطة»، وليت هذا الكاتب يحاول تجنب سلوك البطة الإخوانية حتى يحافظ على صحته أولا، وتتوقف خسارته لأصدقائه قبل مخالفيه في الرأي حسب ما يذكر في بكائياته الكتابية ثانيا، ويتخلص أخيرا من كوابيسه التي يصنعها ويغرق نفسه فيها كل يوم على الملأ. يشير صاحبنا في بكائيته الأخيرة إلى أن من يصفهم بالصحويين هاجموا رواد الحداثة في الثمانينات، واتهموهم بالليبرالية والعلمانية وجيشوا العامة ضدهم، مؤكدا أنهم كانوا يصنعون الكوابيس في المجتمع بهذه الممارسات، وهو أمر أوافقه فيه بالطبع، لكن الغريب أنه هو بنفسه لم يستطع أن يوافق نفسه في ذات المقالة، إذ سرعان ما أطلق تلك التهم نفسها على مخالفيه، ليقفز للخلف بمنطقه المتهالك مسافة عقدين من الزمن، ويرتدي جلباب «الصحيوني» في عام 2016 بعد انفضاض مولد التيار وسقوط أدبياته، الوصف الوحيد الذي ابتكره صاحبنا في مقام آخر لأعداء التنظيم الإخواني ولم يسبقه إليه صانع الكوابيس الصحوية في الثمانينات والتسعينات هو «الوطنجيين»، ما دفع الشاعر الجميل سليمان الصقعبي للرد عليه في تويتر ببيت في غاية الوضوح البساطة هو: كان الوطنجي عيب في شرع الإخوان أنا وأبوي وجد جدي وطنجي. [email protected]