ماذا لو أن الحظ لعب لعبته مع تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا وحظي باعتراف دولي على أنه «دولة إسلامية»، هل سيكون مختلفا عن النظام الحاكم في إيران من ناحية الوحشية والرجعية وأسلوب الحكم؟ بالطبع لا، فدولة «ملالي تيهران» هي الصورة المتقدمة زمنيا من تنظيم «داعش» مع القليل من الحظ، ولو أن النظام الدموي المتخلف الذي دشنه الخميني نهاية سبعينات القرن الماضي تأخر 35 سنة فقط لكان اسمه الافتراضي الذي تتداوله وسائل الإعلام هو «تنظيم جاس الإرهابي» اختصارا لمسمى «جمهورية إيران الإسلامية»، تماما كما أن مسمى «داعش» اختصار اصطلاحي لأكذوبة «الدولة الإسلامية في العراق والشام». بالأمس ثارت ثائرة أزلام تنظيم «جاس» الحاكم في إيران بسبب إعدام إرهابي سعودي يدين بالولاء لهم، فمارسوا سلوكهم الأصلي كعصابة لا دولة وأرسلوا صبيتهم لمهاجمة مبنى السفارة السعودية وسرقة الأثاث والأجهزة التي بداخله في مشهد مطابق تماما لما يوصف بغزوات داعش اللصوصية على المقار الحكومية العراقية والسورية، ذلك لأن التنظيم الإرهابي لا يمكنه مهما حصل على اعترافات دولية أن يغير «مشيته» من مشية تنظيم إلى مشية دولة. الخطوة السياسية السعودية بقطع العلاقات مع إيران أفضل ما حدث حتى الآن، وأصفها بالخطوة هنا لأن نهاية الطريق المفترضة والمنطقية في التعامل مع حكومة الملالي هي سحب الاعتراف بها كدولة، فتصحيح الخطأ على المستوى السياسي وإن جاء متأخرا أفضل من الاستمرار فيه، هذا طبعا ما لم تحدث معجزة ويتأنسن تنظيم «جاس» ويتحول إلى دولة طبيعية تحترم المواثيق الدولية والجيران وحقوق الإنسان. الشعب الإيراني بشكل عام من أكثر شعوب الأرض تعرضا للظلم والانتهاك ومصادرة الحقوق على يد تنظيم جاس الإرهابي طوال العقود الأربعة الماضية، وليس هناك ما هو أكثر إثارة للسخرية من شدة بجاحة هذا التنظيم الوحشي الذي يتشدق الآن بشعارات حقوق المعارضين ويسقطها على الإرهابيين، وهو الموغل في دماء الإيرانيين الأبرياء، وللتذكير فإنه لا يوجد أي نظام حاكم في العالم أعدم في سنة واحدة 4500 سجين بتهمة المعارضة سوى تنظيم «جاس» الإرهابي عام 1988، أي في عهد مؤسسه الخميني، وهو الأمر الذي تسبب في احتجاج «نائب الولي الفقيه» حينها آية الله حسين علي منتظري واستقالته من منصبه لتتوالى عليه الانتهاكات والضغوطات التي وصلت لحبسه داخل منزله لسنوات عدة. نحتاج لآلاف الصفحات لرصد وتوثيق جرائم تنظيم «جاس» الإرهابي بحق معارضيه، هذا التنظيم الذي حول رافعات البناء لأول مرة في التاريخ إلى مقاصل لشنق الناس حتى باتت صورهم أيقونة لدمويته وإجرامه، لكننا لا نحتاج لأكثر من أسطر لكشف مدى التطابق بين تنظيمي «جاس» و«داعش»، هنا مرشد أعلى يرتدي عباءة وعمامة باللون الأسود وهناك خليفة مزعوم يرتدي نفس العباءة والعمامة، «جاس» يتخذ من الخرافات «سياسة» ويعدم الناس في الشوارع ويصلبهم وهو ذات السلوك الذي يمارسه «داعش»، «جاس» يجند خلايا إرهابية موالية له في دول الجوار تماما مثلما يفعل تنظيم «داعش»، «جاس» يسمي نفسه «دولة»، وهي ذات التسمية التي يطلقها «داعش» على نفسه، «جاس» حصل على اعتراف دولي في غفلة من الزمن، و«داعش» يسعى لذلك، لكن الحظ لم يخدمه حتى الآن.. هذا كل ما في الأمر.