يتواصل الحوار المفعم بالأماني والطموحات مع سمو الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالله رئيس الاتحاد السعودي للسباحة، والذي يتحدث في هذا الجزء عن الاستثمار في القطاع الرياضي ومسببات تأخره عن منظومة الاستثمارات في المجالات الأخرى، مبينا كذلك القرارات التي يمكن أن تتخذ في جهة إلزامية السباحة باعتبارها تحقق الفوائد السبعة وأولها الوقاية من مخاطر الغرق بعد انتشار حوادثه في السنوات الأخيرة. مؤكدا كذلك عبر هذا الحوار الشامل مراهنتهم في الاتحاد السعودي للسباحة على القطاع الخاص لتحقيق الاستدامة في تزايد الزخم الإنتاجي للاعبين والموهوبين والمضي بخططهم التطويرية إلى آفاق أرحب. بجانب محاور أخرى كثيرة طالها الحديث وأجاب عليها سموه بكل أريحية وشفافية ووضوح. في استكمالنا للحديث وفيما يتعلق بإلزامية السباحة، هل تعتقد أن ذلك ممكن في ظل المعطيات الحالية؟ الكثير من القضايا الإلزامية تبدأ كفكرة تطرح ثم ما تلبث أن تتحول لمرحلة تطبيق تجريبي ثم تتحول لنظام ملزم، كتطعيم الأطفال على سبيل المثال وكذلك الفحص ما قبل الزواج وإلزامية دورات ما قبل الزواج التي أقرت في بعض الدول كماليزيا، ولذلك طرح وتبني إلزامية تعلم السباحة للأطفال ليست فكرة مبتدعة ويمكن أن تطبق وتكون سببا رئيسيا لتطوير البنية التحتية للسباحة في المملكة، وهذا سينعكس على سوق السباحة الذي يعاني من ضعف العرض الذي أدى لعدم تلبية الطلب الكامن الذي سينشط حال توفر المسابح وفق معايير الإدارة والتعليم والسلامة الدولية بتوزيع جغرافي سليم في المدن والأحياء، حيث سيرتفع الطلب على تعلم السباحة والترقي في مهاراتها، الأمر الذي يشجع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال كما سيشجع القطاع الخاص على تكوين الفرق الرياضية التي تمثله. لسنوات طويلة وهناك إحجام عن الاستثمار في مجال الألعاب المائية، ما هي الأسباب؟ المستثمرون يتجهون للمجالات التي شجعتها الدولة كالصناعات، حيث توفر الدولة المناطق الصناعية والقروض وتسهل الإجراءات ونقل وتوطين الخبرات والتقنيات وتقدم الكثير من الحوافز، وكالاستثمار في بعض الخدمات كالتعليم والنقل الطلابي، والاستثمار في المجالات الصحية وغيرها، ويتجهون كذلك للمجالات التي تحقق الأرباح دون مخاطر عالية ومشقة كبيرة كالاستثمار في المجال العقاري والمحلات والمنافذ التسويقية والوكالات التجارية وغيرها، ويحجمون عن الاستثمارات غير الواضحة وعالية المخاطر أو ذات العوائد المنخفضة. والاستثمار في القطاع الرياضي لم يجد الدعم لعدم وضوح قواعده وجدواه وارتفاع مخاطره، ونظرا لإيماننا بأن الألعاب المائية لن تتطور ولن يزداد زخم إنتاج اللاعبين، ولن نتمكن من تحقيق البطولات الدولية التي نطمح لتحقيقها ما لم يتنام الاستثمار في مجال الألعاب المائية بشكل مستدام، فقد قمنا بتحمل مسؤولية كبيرة تفوق قدراتنا بكثير لأهميتها وحيويتها لنلعب دور المشجع والمحفز للاستثمار في مجال الألعاب المائية بالتعاون مع الأجهزة الحكومية المعنية بدعم المجالات الرياضية والترفيهية وخدمة ورعاية الشباب وتوليد الفرص الوظيفية والاستثمارية وتشجيع المواطنين الشباب على اغتنامها. خارطة استثمارية كيف تنظرون للخريطة الاستثمارية في مجال الألعاب المائية؟ وكيف تحفزون كافة أنواع المستثمرين صغارا ومتوسطين وكبارا لزيادة الاستثمارات الجادة المثمرة المحققة لكافة الفوائد؟ الخريطة الاستثمارية في مجال السباحة للتعلم أو للتطور المهاري أو للياقة والترفيه وهي الأكثر جذبا لجميع الفئات السنية خصوصا الأطفال والشباب تنقسم لأربعة أنواع، الأول الاستثمار فيها كأحد مكونات المراكز الرياضية للياقة والصحة، ويكون ذلك في الفنادق والمنتزهات وشركات اللياقة الكبرى بمعايير متواضعة، والثاني الاستثمار في منشأة لتعليم أو ممارسة السباحة فقط دون أي معايير وهذه نادرة جدا، الثالث استثمار مسبح من قبل مستثمر فرد في منشأة رياضية لأحد الأندية أو المراكز أو المؤسسات للتعليم والترفيه بمبالغ بسيطة ودون أي معايير، والرابع استثمار مدرب أو معلم سباحة لمسار أو أكثر أو لفترة محددة من الزمن وفق برامج تعليمية في أحد المسابح التابعة للأندية أو المراكز الرياضية، وهذه نادرة أيضا حتى الآن. وفي سبيل دعم كل هذه الأنواع من الاستثمارات، تحملنا مسؤوليتنا لتسهيل الطريق للقطاع الخاص وجعله سالكا وبخطوط إنتاج ومنتجات واضحة دون المرور بمرحلة التجارب الفاشلة المحبطة، بمعنى قررنا أن نكون حقل تجارب للبحث والتطوير في مجال الاستثمار بالألعاب المائية من خلال بناء نماذج استثمارية وتجربتها وقياس مدى الإقبال عليها ومدى القدرة على تنفيذها وفق المعايير الدولية للتعليم والتدريب والإنقاذ والسلامة، ولقد نجحنا في بناء تحالفات مع أمثل المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالألعاب والسلامة المائية ونقلنا تجاربها لمسابحنا وقسنا مدى نجاحها وعيوبها وكيفية تكييفها للبيئة السعودية، كما قمنا بذات الوقت بتأهيل وضخ معلمين سباحة ومنقذين ومشرفين من خلال النماذج التجريبية وأسسنا بناء على ذلك علامة «مسابح» المختصة بمراجعة سلامة المسابح على ضمان مطابقة شروط السلامة المعتمدة وتقدم خدمات التشغيل والإدارة والإشراف وخدمات استشارية للمستثمرين في مجال تطوير الموارد البشرية والتشغيل والتسويق والمبيعات وضبط الجودة والإدارة المالية، كما أسسنا علامة «سباحة» المعنية بتقدم برامج ومناهج واستشارات في مجال محو أمية السباحة للصغار والكبار وتنمية مهاراتهم من خلال عدة مستويات مهارية وتشجيعهم للاستمرار في ممارسة النشاطات المائية العادية والتنافسية. ونقوم حاليا بالتعاون مع شركة دولية متخصصة لإعداد الدليل الإرشادي لحقوق الامتياز والدليل الإرشادي لإدارة حقوق الامتياز، والدليل التشغيلي لشركات الامتياز، والخطة التشغيلية لإدارة تنفيذ الأدلة، والوثائق القانونية للتعاقد الشركات الممنوح لها حقوق الامتياز، وهي خطوات غير مسبوقة في الرياضة السعودية بل والخليج ولربما الدول العربية. الرهان على القطاع الخاص هل حققتم إنجازات محفزة لجهة عدد المشاركين في البطولات الدولية والوصول لمنصات التتويج أثناء المرحلة التجريبية لتطوير الألعاب المائية والتهيئة لنقل هذه المهمة للقطاع الخاص بالتعاون مع الأجهزة الحكومية ذات الصلة كوزارة التعليم؟ في ظل ندرة الموهوبين الذين تدفع بهم المنظومة الإنتاجية، لجأنا لخطة تأهيل المتاح القليل من الموهوبين وفق معايير الأداء العالي التي وضعناها بالتعاون مع اتحاد السباحة في غرب أستراليا من خلال المعسكرات الداخلية والخارجية وركزنا على الفئات السنية الصغيرة الواعدة واستطعنا تحقيق تقدم كبير في البطولات الخليجية التي تعتبر المقياس الأول لمدى التقدم. ولا شك أن المرحلة التجريبية مكنتنا من تحقيق نجاحات كبيرة في مجال إعداد المدربين والمعلمين والمنقذين، إلا أننا بكل تأكيد نراهن على القطاع الخاص في تحقيق الاستدامة في تزايد الزخم الإنتاجي للاعبين والموهوبين.