صدر عن دار المتوسط الإيطالية كتاب «ما بعد الاستشراق .. المعرفة والسلطة في زمن الإرهاب» لحميد دباشي وترجمة باسل عبدالله وطفة، الذي يمكن اعتباره سجلا متينا لتأملات دباشي على مدى سنوات عديدة في مسألة السلطة والقوة المؤهلة للتمثيل. من في مقدوره أن يُمثِّل من، وبأيّ سلطة؟ عندما أخذَت الآلة العسكرية الأقوى في تاريخ البشرية، الولاياتالمتحدةالأمريكية، زمام المبادرة على نحوٍ فعلي وانخرطت عميقاً في أفغانستان والعراق، أصبح الحديث موسعاً بشأن أفعال التمثيل العسكرية هذه والتي باتت أكثر تجذُّراً من حيث ادعائها بأنها مفوّضة على الصعيدين القياسي والأخلاقي. وإذا كانت فكرة الكتاب هي امتداد لأطروحات إدوارد سعيد عن الاستشراق فإن دار المتوسط تقدم عن سعيد كتاب «إدوارد سعيد: من تفكيك المركزية الغربية إلى فضاء الهجنة والاختلاف»، وهو من إعداد وترجمة الكاتب المغربي محمد الجرطي التي قدم في هذا الكتاب مُقاربة شاملة لأهم روافد إدوارد سعيد الفكرية والنقدية، ولأبرز ما افترعه من مفاهيم نظرية وإجرائية في الممارسة النقدية، فضلاً عن تسليط الضوء على تنظيراته النفاذة لوظيفة المُثقّف وعلاقته بالسلطة، ولعل هذا الحرص على الاستقصاء والشمولية هو ما نلمسه في طبيعة هذه الدراسات التي اختارَها الباحث، حيثُ قاربَ البعض منها المنحى النقدي في مَسار إدوارد سعيد من خلال التركيز على مُؤلفاته النقدية البارزة ك «الاستشراق»، و«العالم، النص والناقد»، و«الثقافة والإمبريالية». في حين ركز البعض الآخر منها على مؤلفاته الفكرية، وتحديداً كتاب «المثقّف والسلطة» الذي حاور من خلاله إدوارد سعيد بعض التنظيرات التي قدّمها كلّ من جوليان بندا وأنطونيو غرامشي لماهية المثقّف ورسالته الفكرية.