مع وفرة المنتجات الزراعية في السوق، يبدي سكان محليون من مناطق المملكة شكوكهم حول تلك المنتوجات، إذ يعتقد كثير منهم أنها زرعت بالاستعانة بمواد قد تكون غير صحية. ويرى نائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية أن الإفراط في استخدام المبيدات له أضرار جانبية على صحة الإنسان. وأشار إلى أن الافراط أيضا في استخدام المبيدات والأسمدة يزيد من نسبة تسربها إلى المحاصيل. فيما قلل رئيس اللجنة الوطنية الزراعية في مجلس الغرف التجارية من تلك المخاوف، واكتفى بالتوضيح أن بعض المبيدات لا تترسب في المنتجات الزراعية لمدة طويلة (40 يوما كحد أقصى)، وأن غسل الفاكهة أو الخضار جيداً يفي بالغرض. مادة شمعية لامعة المستهلكون للخضر والفاكهة تنتابهم مشاعر الخوف والقلق أمام السلال المنتشرة في الأسواق وكثافة «حضور» الفواكه في غير مواسمها، كما أن أحجام الثمرات وتغير ألوانها ولمعانها لم تكن عامل جذب لهم. يقول فايز الجبرتي (مواطن اعتاد على شراء الفاكهة من سوق الخضار المركزي بجدة): «لفت نظري وفرة بعض أنواع الرطب في المتاجر قبل أوانها أو بعدها، وقد تغير شكلها وكأنها مصبوغة بمادة زيتية لامعة. الأمر يبدو ليس طبيعيا وهذا شعور كثير من المستهلكين الذين يسمعون ويقرؤون عن قدرة المبيدات وبعض العوامل الخارجية في تحديد حجم الثمرة ولونها.. وأحيانا طعمها. كثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي -يقول الجبرتي- وأنا منهم، وقفوا على مقاطع الفاكهة المغطاة بمادة شمعية لامعة ويصعب على المستهلك إزالة قشرتها، كما أن ما تنشره الصحف عن عشرات المزارع التي تسقى بمياه الصرف الصحي تزيد من مخاوف المستهلكين للخضر والفاكهة. لاحقوها في حقولها في شأن خضروات الصرف الصحي، يتحدث خالد البرعي ليؤكد أنه رأى بعينيه أمثلة لتلك المزارع: الأمر غير مستغرب مع ضعف الرقابة، فالحقول والبساتين المروية بمياه الصرف الصحي تختار مواقعها بدقة في أماكن بعيدة لا تصل إليها الأعين. غير أن المقلق أكثر أن منتجاتها ومحاصيلها تصل إلى الأسواق وأيدي المستهلكين، فلماذا لا تتم محاصرتها في الأسواق إن كانت هناك مصاعب في الوصول إلى مزارعها وحقولها؟. حذارِ من الماء الدكتور خالد المدني استشاري التغذية نائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية يقول ل «عكاظ» إن الإفراط في استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة يزيد من نسبة تسربها إلى المواد الغذائية، والخطورة تتضاعف في حال استخدامها قبيل الحصاد. مشيرا إلى أن أجهزة تشريعية ورقابية تتولى تنظيم الأمر وتقنن استخدام الأسمدة والمبيدات، والجهات المعنية بهذا الجانب، لن تسمح بأي حال من الأحوال بدخول أسمدة أو مبيدات ذات تسرب طويل المدى في المنتجات الزراعية، وقال: «قبل سنوات كان هناك مبيد مستخدم بطريقة الرش في عدة مناطق، وعند ثبوت ضرره على الإنسان أوقف على وجه السرعة، لما يشكله من أضرار صحية. والمواد الغذائية لا يمكن أن تتسرب إليها المواد الكيميائية مادامت تستخدم قبل فترة الحصاد وليست لها آثار طويلة المدى.. لا مجال للقلق في هذا الجانب، مادامت الأسمدة والمبيدات تستخدم بطريقة صحيحة». وأعلن الدكتور خالد المدني مفاجأة غير سارة مفادها أن أية مادة، بما في ذلك الماء، لها أضرارها إن تعامل الإنسان معها بصورة مفرطة وبكميات تفوق حاجة الجسد، وقد يؤدي الماء إلى الوفاة. وضرب مثلا بما أطلق عليه ب«ريجيم» الماء الذي ظهر كطريقة للتخسيس قبل 20 عاما، وتبين ضررها البالغ على الإنسان، إذ إن تناول الماء بإفراط دون طعام لعدة أيام يؤدي إلى تلف بالغ في جسم الإنسان. انتظر 40 يوما المهندس عيد الغدير رئيس اللجنة الوطنية الزراعية في مجلس الغرف السعودية لا يستبعد بقاء ترسبات أسمدة ومبيدات في بعض المحاصيل إن لم تكن هناك رقابة صارمة على المنتجين والزراع. وقال ل «عكاظ» إنه «سبق أن طالبنا من قبل بإنشاء مختبرات فنية تعمل على قياس نسبة ترسب الأسمدة والمبيدات في المنتجات الزراعية، وهو ما بدأت به الأمانات في عدة مناطق مثل القصيم والرياض، وللأسف هذه المختبرات لم يكن لها وجود في باقي المناطق». يضيف المهندس الغدير: «بالتأكيد هناك أضرار لترسبات المبيدات في المنتجات، وفي المقابل هناك جهود مبذولة تمنع بصرامة استيراد المبيدات والأسمدة ذات الأثر الطويل والتي قد تبقى ترسباتها 40 يوما، فهناك مبيدات وأسمدة ذات تأثير محدود، لا تترسب في المنتج الزراعي إلا لساعات محدودة ويذهب تأثيرها بغسل المنتج جيدا». اغسلوا الثمرة جيدا رئيس اللجنة الزراعية يضيف قائلا: «من خلال تجربتي في الحقل الزراعي أستطيع القول إن معظم المبيدات والأسمدة الموجودة الآن لا تترسب في المنتجات الزراعية بشكل طويل، وينتهي تأثيرها إذا غسلت جيدا. حتى مادة الكبريت التي يستخدمها البعض لإنضاج البلح وبعض المنتجات الزراعية تعتبر ذات تأثير خفيف وليس لها آثار وعوارض جانبية إذا ما استخدمت على المنتج الزراعي قبل النضوج، بيد أن الكبريت يكون له تأثير سلبي إن استخدم في مرحلة متأخرة من الحصاد». وعن ري المنتجات الزراعية بمياه الصرف الصحي وتأثير ذلك على صحة الإنسان قال: «مياه الصرف الصحي المعالجة ليس لها ضرر على المنتج الزراعي إلا إذا تم استخدام مياه الصرف الصحي البدائية غير المعالجة». .. و«الزراعة»: الفحص العشوائي ل «الأسمدة» المتحدث الرسمي في وزارة الزراعة الدكتور خالد الفهيد أكد ل «عكاظ» أن لجان تفتيش تتولى مراقبة متاجر المحاصيل الزراعية والمستودعات التي تتبع لها في جميع المناطق والعمل مع الجهات المختصة في منظومة واحدة لضمان سلامة الصحة العامة. وفي حال ضبطت أية مخالفة لنظام الأسمدة والمخصبات الزراعية تتولى لجنة العقوبات اتخاذ الإجراءات المناسبة حيال المخالفة، مضيفا أن الوزارة تنظم جولات على المصانع والمحلات الزراعية للتأكد من ضبط الجودة لمنتجات الأسمدة والمخصبات الزراعية. وقال الفهيد إنه يتم سحب عينات عشوائية من جميع الإرساليات الواردة من الأسمدة والمخصبات وإرسالها إلى المختبرات المعتمدة للتأكد من مطابقتها للمواصفات. وزاد الفهيد أن الجهة المختصة في الوزارة تحرص على التعاون مع بيوت الخبرة داخل وخارج البلاد للاطلاع على كل ما يستجد في مجال استخدامات الأسمدة والمخصبات وتمليك المعلومة للمزارعين والعاملين في هذا النشاط للاطلاع على إنتاج محصول زراعي آمن يحقق عوائد إيجابية للمزارعين. باحث زراعي: تتلف الأعصاب والكبد وتشوه المواليد دراسة للدكتور وليد فؤاد أبوبطة من مركز البحوث الزراعية في مصر أشارت إلى الآثار الخطيرة للمواد الغذائية المشبعة بالأسمدة، منها عدم قدرة خلاياها على الانقسام الطبيعي في جسد الإنسان، وبالتالي حدوث تغيرات في الجينات التي تحمل الصفات الوراثية، وبالتالي ظهور صفات جديدة في الأجيال (طفرات)، أو تؤدي لتحول الخلايا لأورام خبيثة (سرطانية) أو تقتل الخلية مباشرة. وبحسب الدراسة، يؤدي تراكم المبيدات في الكبد إلى إتلافه أو تقليل قدرته على القيام بوظائفه، ثم انتشار أمراض الالتهاب الكبدي وتليف الكبد ثم الفشل الكبدي. مؤكدا أن للمبيدات الهيدروكربونية الكلورونية دورا في التأثير السلبي على الجهاز العصبي، خصوصا المخيخ وقشرة المخ، ويؤدي ذلك إلى حدوث ثقل وآلام في الأطراف، والإحساس بالإجهاد العضلي والتوتر العصبي، والشعور بالأرق والاضطراب الحاد والتشنجات. كما تصيب بعض المبيدات الأكثر سمية الإنسان بفقدان الذاكرة. مشيرا الى أن الكثير من الدراسات العلمية أثبتت وجود علاقة وطيدة بين استخدام المبيدات والتشوهات التي تحدث للأطفال عند الولادة، فضلا عن تأثيرها في تدهور تركيب التربة والبيئة والمسطحات الطبيعية. المستهلكون يختبرون الجودة ب«الشم» بائع الخضروات ماجد هتار، يروي من واقع مشاهداته قلق معظم المستهلكين ومخاوفهم من تشبعات المحاصيل بمياه الصرف الصحي والأسمدة الكيميائية، ويقول: «لم يعد مظهر المنتج الزراعي هو الوحيد للحكم على جودته، إذ تشكل حاسة (الشم) والتقشير واللمس عوامل رئيسة في تحديد الجودة والصلاحية. وبات من المألوف للزبائن شم جذور الورقيات مثل الخس والجرجير والطماطم والخيار، ومحاولة تقشير التفاح والجوافة والكمثرى قبل المساومة على السعر». وتابع: «انتقل الهاجس لنا نحن كباعة ووضعنا معايير جديدة لقياس الجودة قبل الشراء بالجملة، ولا أخفي سرا أن هواجسنا تزداد اتساعا بسبب مثل هذه التأثيرات على حركة السوق».