خلال حوالى عشرة أيام، سيشهد العالم - بمشيئة الله - بنعمة رائعة لا تخطر على البال.. نعيشها كل عام من دون أن نفكر فيها، بالرغم أننا نشعر بها من خلال التغير في تأخر موعد صلاة العشاء مع مرور أيام السنة. وذلك لأن - بإرادة الله - محور الأرض مائل بزاوية 23.5 درجة مما يسبب تعرض مناطق كوكبنا لأشعة الشمس بنسب متفاوتة ويولد ظاهرة المواسم ...الخريف والشتاء والربيع والصيف في مناطق متفاوتة في شمال الأرض وجنوبها في آن واحد. وتصاحب المواسم فروقات في طول النهار والليل. وخلال هذا الشهر الميلادي، سنشهد بمشيئة الله بعضا من أطول الليالي لتبلغ ذروتها الفلكية في 21 ديسمبر...ليلة 22 ديسمبر... للمناطق شمال خط الاستواء ستكون بإرادة الله أطول ليلة في السنة وأقصر نهار...وعبر التاريخ أصبحت هناك أهمية خاصة لهذا اليوم...فضلا تذكر أن الإضاءة بالكهرباء تعتبر حديثة نسبيا في تاريخ البشرية...وبالتالي فكانت فترة الظلام لها هيبة خاصة، ولذا فأوجدت المجتمعات المختلفة طرقها الخاصة في التغلب على مخاوف الظلام. ومن أهم وسائل التغلب على الخوف من الظلام كان الاحتفالات بالأعياد والمناسبات، والتأكد أنها تقع في فترات الليالي الطويلة وأشهر تلك الاحتفالات هي عيد الميلاد (الكريسماس) في الغرب. وأما موضوع المقال فهو أحد أهم أعياد اليهودية الذي يقع دائما في شهر «تيفيت» في التقويم اليهودي الذي يعتمد الشهور القمرية. ويقع الشهر دائما بين ديسمبر ويناير. وأما العيد فهو «الخانوقا» Chanuka والكلمة العبرية معناها «التكريس».. وبالعامية قد تكون الكلمة العامية «فز» بمعنى «تحرك» و«جدد» هي الانعكاس الأفضل للمعنى العبري للعيد اليهودي. والموضوع يستحق بعض التمعن فهو يمثل ذكرى تاريخية وهي انتصار «جوده المكابي» وجماعته المكابيين Maccabis على أعدائهم الجيش السوري اليوناني آنذاك. وكلمة «مكابي» العبرية هي إحدى صفات «الشاكوش» وأطلق على تلك المجموعة هذا الاسم بسبب شدتهم وقسوة أساليب قتالهم. كانت تلك الحرب «داعشية» الصبغة؛ لأنها كانت تعتمد على العمليات الإرهابية المفاجأة، وتستخدم الأساليب الدموية الوحشية والمفاجآت. وخلال العيد يتم الاحتفال بذكرى إحدى المعجزات وهي الشمعات التسع. والقصة أن في إحدى ليالي الحصار ضد «المكابي» وجماعته، لم يكن الزيت في المصباح كافيا إلا لليلة واحدة. ولكن حاجتهم للإضاءة كانت ماسة. وحسب روايتهم فقد جاءت المعجزة أن المصباح استمر في الإضاءة لثماني ليالي متتالية. وللذكرى، فأوجد اليهود المصباح أو «الشمعدان» المخصص لذلك واسمه «الخانوقية»، والكلمة مشتقة من الذكرى ولذا فتحتوي على ثماني شمعات زائد الشمعة المركزية وتسمى «شاماش» التي تضيء المناسبة. وتتم إضاءتهم واحدة تلو الأخرى يوميا... الأولى عشية اليوم الأول للعيد، واثنتان في اليوم الثاني، وهكذا إلي اليوم الأخير في المناسبة. ولنقف لحظة لنفرق بين هذا الشمعدان وبين «الشمعدان» المحتوى على سبع شموع فقط ويسمى «المينورا» ويرمز رسميا إلى شعار الكيان الصهيوني...فضلا التأكيد على هذه النقطة فالمصباح المحتوي على الشمعات السبع هو الشعار الرسمي لإسرائيل، وليس النجمة السداسية. أمنية الكلمة الأكثر رواجا لدى اليهود هي «شالوم» ومعناها «سلام» والتحية الأكثر رواجا لديهم هي «شالوم أليكوم» وكأنها «السلام عليكم». أتمنى أن «يفز» الضمير العالمي إلى إنقاذ شعب فلسطين ...فردا فردا.. وأرض فلسطين...شبرا شبرا؛ لأن الظلم الحاصل لا يليق بمستوى الإنسانية الذي نعتقد أنه سائد في العالم، ونسأل الله السلامة. وهو من وراء القصد.