نظرة الحيرة والعتاب تذبحني.. صغيرتي دارة بأعوامها الثلاثة وبراءتها، تسألني كل يوم: فين بابا ؟ متى سيأتي؟ حبيبتي، بنيتي، لا أعلم .. شهر يمر خلف الآخر ومازلت أنتظر أن يجمعنا الله سويا، أسترجع كل يوم أمان العائلة ودفئها. أربعة أشهر، ستة إن زادت، كانت وعودهم الموثقة، وعليها اخترنا طريقنا، طريق علم ومجد وعزم .. شعارات فيس بوك تويتر وحملات اعلامية،، والملحقيات تصرح،، وأنا، بين كل هذا وذاك لم استطع ان أجيب دارة، بابا في السعودية حبيبتي،، لماذا ماما؟؟ يا دارتي كيف أشرح لك.. أنا ذاتي أعاني، أتعايش مع واقع البعد المؤلم؟ .. أو أتناسى بروعة حلمي الملهم؟ .. وبرد ملبورن القارس لا يريد ان ينتهي .. انشغالي عنك .. صبر جدك المسن ، محرمي .. كيف أفسر لك وأبرر .. ستة آلاف ريال شهريا لحضانتك .. وسبعة آلاف أخرى إيجار منزلنا الكهل .. وتكاليف معيشة أرهقت أباك المسكين يادارتي،، بابا يعمل لنتستطيع تحقيق حلمنا كيف اقول لك اني طموحة ومتفائلة رغم الانتظار ربما ستفهمين يوما لماذا تبكي أمك كثيرا .. ربما ستفهمين طموحي وحلمي بإكمال الدكتوراه .. حلم جميل كقلبك الصافي .. لا أستطيع أن أنشد معك أو أنزهك يادارتي .. فلابد أن أتابع معاملتي على بوابة الوزارة .. أصبري لا بأس ، سأعلمك حروفنا الأبجدية وسورة الفاتحة قريبا، بعد انتهائي من متابعة هواتف الوزارة، فلابد أن أحدها يعمل! .. كيف ستفهمين طموح طالبة الدكتوراه، الحاصلة على امتياز وجوائز وشهادات شكر لا تحصى. كيف أشرح لك انتظاري بأمل إلحاقي للبعثة لعشرة أشهر الآن! فأنا لا أفهم يا ملاكي يا دارتي لا تبكي خوفا من ذهابي .. سأعود ، ككل ليلة باردة أخرى ، في السادسة مساء لآخذك من حضانتك لنعود لمنزلنا.. يا دارتي بابا في السعودية وأنا هنا ألاحقك والاحق أحلاما بريئة شغوفة كروحك الطاهرة .. نعم سأكن لك أما وأبا وسأعتني بك وبأختك وبوالدي وبدراستي .. لا تخافي .. تشبي بساقي .. فالطارقون على باب شقتنا الصغيرة لن يؤذوك .. هم فقط يؤدون وظيفتهم بتحصيل السبعين ألف ريال أقساط الجامعة. ولكني بخير يا صغيرتي.. ف «جيني» الشقراء العجوز تعد لي الشاي في الجامعة وتربت على كتفي المرهق وتعرض علي المساعدة المادية.. لن أستسلم ياملاكي. وسأعود لداري بعلم وشهادة وفكر ولغة. يا دارتي وطني حنون ولن ينسانا .. وستأتي البعثة ويأتي بابا. * طالبة دكتواره ملبورن – أستراليا