لم تعجبني لقطة كانت متداولة قبل فترة لطفل صغير بريء قد يكون في الخامسة من عمره ظهر وهو « يعب» من ألبان الإبل متحديا ما يقال عن علاقتها بمرض « كرونا» حسب ما ظهر من دراسات وأبحاث صحية وزراعية، متبعا شربه للبن بشتيمة موجهة لمسؤول صحي مقدما شتيمته بقوله «يخسا» أي يخسأ، وسبب عدم ترحيبي بتلك اللقطة يعود لعدة أسباب منها: أولا : إن فيها استغلالا لبراءة الطفل وتسخير تلك البراءة بوضع الشتائم على لسانه ليوجهها لمسؤول صحي لأن جهة عمله ثبت لديها علميا أن للإبل علاقة وطيدة بنقل مرض الكورونا للإنسان، فأراد من وضع الشتيمة على لسان الطفل أن يقوم بالنيابة عنه بذلك الدور لأن طفلا في تلك السن لا يمكن أن يعرف علاقة الإبل بالمرض وبالجهات الصحية وإلا لأصبح أذكى من «إنيشتاين»!!. ثانيا: إن تنشئة الأطفال على الشتائم وتشجيعهم عليها ليس من أصول التربية الحسنة والتأديب حتى لو كان الطفل صغيرا جدا لا يعقل، بل لا بد من غرس الفضائل في نفسه منذ نعومة أظفاره وبطريقة هينة لينة محببة للنفس، كما نعلمهم كيف يبتعدون عن الأخطار التي تؤذيهم مثل النار والآلات الحادة والكهرباء وعدم العبث بمفاتيحها وأهمية النظافة وغسل اليدين والبعد عن السيارات الجامحة والأماكن الشاهقة والمأكولات المكشوفة ولا يقال في هذه الأحوال إن الطفل لا يفهم بل إنه يفهم ويتعلم وكذلك الأمر بالنسبة لتربيته خلقيا وسلوكيا وذلك لا يكون بوضع الشتائم على لسانه سواء وجهت لمسؤول أم وجهت لغيره من الناس. ثالثا: إن المجتمع بات يشكو من مراهقين وشبان وربما كهول تغيرت أخلاقهم وأصبح الواحد فيهم يستخدم الألفاظ البذيئة في الخصام وفي مواقع التواصل وعد ذلك خللا في التربية يحتاج إلى إعادة تأهيل وتقويم مع أن الأمر قد يكون صعبا بالنسبة لمن تعدى مرحلة المراهقة حيث لا ينفع الدواء فكيف والحال كما ذكر نشجع أطفالا صغارا على ممارسة الشتائم ونعتبر ذلك من الطرائف ثم نشكو منهم إذا ما مارسوا البذاءة بكل أشكالها بعد ذلك ألا ينطبق عليهم في هذه الحالة قول الشاعر: وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه فإذا كان قد تعود على الشتائم والبذاءة في صغره فماذا ننتظر منه بعد ذلك؟!