كشفت مصادر مطلعة أن ملف خفض ساعات العمل من أجل اعتماد إجازة اليومين الأسبوعية للعاملين في القطاع الخاص واجه رغبة من القطاع الخاص تميل إلى خفض معدل ساعات العمل ل45 ساعة؛ على أن تتم زيادة العمل اليومي ساعة إضافية ليتسنى له تعويض المعدل الإنتاجي الناجم عن فقدانه في إجازة نهاية الأسبوع؛ بالإضافة إلى التحجج بعدم قدرة بعض القطاعات الخاصة على تنفيذ مشروع إجازة اليومين لعدة أسباب من بينها غياب الأيدي الوطنية الجاهزة للاستعانة بها، الأمر الذي يتطلب استقدام عمالة وافدة إضافية لتغطية النقص وهو ما يحتاج إلى تسهيلات إضافية. يأتي هذا في الوقت الذي توصي فيه وزارة العمل باعتماد إجازة اليومين من أجل عدة أمور، أبرزها زيادة جاذبية التوظيف في القطاع الخاص، وتوسيع دائرة القوى الوطنية العاملة بما يسهم في رفع معدل أداء القطاع الخاص الإنتاجي، ويزيد من انتماء العاملين لجهات عملهم، ويخفض معدلات التسرب من الوظائف؛ لاسيما أن الاعتماد على القطاع الخاص في الناتج المحلي سيكون أكثر خلال الفترة المقبلة؛ الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة وتوسيع دائرة متطلبات التشغيل. وتضمنت الدراسة التي تدعم بموجبها مقترح إجازة اليومين عدة مؤشرات، من بينها زيادة فاعلية الحركة المالية داخل الاقتصاد الوطني، والتخفيف من الأعباء والضغوط على الأسس الاقتصادية المحلية، وتحقيق الاستقرار المجتمعي الذي يؤدي إلى تحقيق الاستقرار الأمني. وحول هذا الملف أوضح أصحاب أعمال من عدة قطاعات مختلفة أن تنفيذ إجازة اليومين قابل للتطبيق، مشيرين إلى أن السوق سيشهد ردة فعل قد تصل إلى رفع أسعار المنتجات نتيجة ارتفاع الكلفة التشغيلية. وحول تأثير قرار الموافقة على خفض ساعات العمل أوضح الدكتور بسام الميمني الخبير في مجالي الصناعة والجودة أن ذلك التأثير أقل مما يتم تصويره على أنه مشكلة جسيمة؛ وقال: عندما يتم احتساب معدلات التكلفة الناجمة عن نقص ساعات العمل بمقدار يصل إلى 8 ساعات يظهر في نتائج الأرقام وجود نحو 16 في المئة زيادة ناجمة عن كلفة العامل، لذلك لا يمكن اعتبار هذه الزيادة كبيرة جدا ومؤثرة على الأسعار قياسا بعدة أمور من أهمها أن ما يعرف ب(كلفة العمالة) يعد جزءا من تكاليف عمومية تشمل حتى الجانب الخدماتي. ومضى يقول: من خلال هذه التفاصيل وما يماثلها لا يمكن لأسعار المنتجات أن تقفز إلى أعلى من 10 في المئة على أبعد تقدير؛ أما من يلوح بوصول الارتفاع إلى أكثر من ذلك دون مسوغ حقيقي فهو يغالي كثيرا بما يجعل من المناسب تدخل الأجهزة الرقابية لضمان عدم حدوث استغلالية في مثل هذه الأمور. الدكتور الميمني أشار في حديثه إلى أن هناك بعض القطاعات التي قد يكون التأثير فيها أكبر، مقترحا تقديم بعض الاستثناءات لها حتى لا تتضرر مصالحها؛ إلا أنه استدرك بقوله: معظم القطاعات الخاصة قادرة على خفض ساعات العمل إلى معدل 40 ساعة أسبوعيا؛ لأن الأثر ورد الفعل سيكون منطويا على المدى القصير لكنه سيتلاشى على المدى المتوسط ولن يكون له أي أثر سلبي. وشدد في حديثه على أن العدد الكبير للعمالة الوافدة داخل القطاع الخاص يعد واحدا من أهم الأسباب الداعية إلى اتخاذ قرار بنقص عدد ساعات العمل؛ مضيفا: الفراغ المتولد من نقص ساعات العمل سيشجع على تشغيل السعوديين؛ إما بدوام كامل وهو المطلوب تحقيقه أو بدوام جزئي يساهم في تحسين الدخل خاصة للموجودين في الطبقة المتوسطة والأقل منها. وتطرق خلال حديثه إلى أن بعض الدول، مثل أمريكا، بالرغم من خفض معدل ساعات العمل فيها إلا أن معظم شركاتها لا تقدم راتبا على الإجازة المرضية، مشيرا إلى وجود نحو 14 مليون موظف تقريبا يعملون في منازلهم بمزايا كاملة في ظل وجود ما يزيد على 26 ألف شركة تسمح لموظفيها بالعمل في المنزل. ارتفاع محدود للأسعار وحول ما إذا كان المستهلك قادرا على تحمل زيادة في أسعار السلع؛ أكد عضو اللجنة التجارية الوطنية التابعة لمجلس الغرف السعودية محمود رشوان أن معظم الارتفاعات في الأسعار تعود إلى أسباب مفتعلة نتيجة استحواذ جانب كبير من العمالة الوافدة على قطاع معين استطاعوا من خلال ذلك الاستحواذ رفع الأسعار إلى مستويات كبيرة؛ مشيرا إلى أن الأجهزة الحكومية المختصة تمكنت من اكتشاف مثل هذه الأمور. وأضاف: إذا كان المستهلك المحلي قد واجه تكتلات فرضت عليه أسعارا لا تتفق مع الأسعار العالمية حتى وصلت الزيادة إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة استغلال تلك التكتلات لغطاء التستر التجاري الذي يحيط بهم؛ فكيف لا يتحمل زيادة طفيفة مؤقتة يتوقع حدوثها في بعض القطاعات وليس كلها لفترة زمنية ثم تتلاشى. ومضى يقول: المستهلك يعاني من ارتفاع في أسعار الإيجارات، ويواجه فوارق سعرية كبيرة بين منتجات تباع في السوق المحلية أعلى بكثير مما تباع به في الخارج بنسبة قد تصل إلى نحو 100 في المئة نتيجة عدم قدرة معظم المستهلكين على معرفة الأسعار الأساسية والفعلية من الدول المصدرة؛ وبناء على ذلك يمكن القول إن المستهلك قادر على استيعاب الارتفاع في بعض القطاعات. واستعرض في حديثه عددا من الدول التي تقل ساعات العمل فيها عن المعتمد في نظام وزارة العمل بالمملكة بقوله: هناك عدة دول معروفة بقوة إنتاجها سواء في الصناعة أو غيرها يصل فيها معدل ساعات العمل الأسبوعي إلى أقل من المعدل المعتمد في المملكة؛ فهناك مثلا أمريكا التي يصل عدد ساعاتها إلى نحو 35 ساعة، والسويد يصل معدل عدد ساعاتها إلى 27 ساعة، وفي فرنسا 28 ساعة، وفي روسيا، بولندا، أستونيا 40 ساعة. ومضى يقول: من بين هذه الدول اقتصادات قوية جدا كأمريكاوفرنساوروسيا وهناك دول اقتصاداتها أقل من قوة الاقتصاد السعودي وبالتالي يمكن من خلال المقارنات إيجاد الحلول التي تضمن اتخاذ القرار المناسب لكافة الأطراف. العقار والمقاولات وفي ما يتعلق بالجانب العقاري وأثر الإجازة الأسبوعية على أداء القطاع أكد المستثمر العقاري نايف الخالدي أنه أثر محدود قد لا يذكر؛ مشيرا إلى أن معظم المكاتب والمؤسسات العقارية تدار من قبل أصحابها بشكل مباشر مع الاستعانة ببعض الأفراد بحسب الحاجة؛ مشيرا إلى أن المكاتب الصغيرة لن تتأثر بأي شيء. وأضاف: الشركات العقارية قد تشعر بهذا التأثر نوعا ما لكن مع منع عمل العمالة الوافدة في القطاع العقاري، وحصر وظائفه على السعوديين فإن قرارا كهذا قد يساعد على زيادة عمليات التوطين لاسيما أن الكثير من أعمال الوساطة العقارية والتسويقية يمكن تنفيذها في مختلف الأوقات ما يعني إمكانية موازنة الوقت لمن لديه عمل آخر ويريد إضافة دخل له؛ أما من يريد التفرغ فسيكون ذلك مناسبا لتغطية العمل في كافة أوقاته. وأشار في حديثه إلى أن القطاع العقاري في وضعه الحالي يدخل في إطار ما يعرف ب(الاقتصاد الريعي) على حد تعبيره؛ مشيرا إلى أن الأوان قد حان ليتحول إلى صانع مؤثر يكون له إنتاجية واضحة في إجمالي الناتج المحلي، مضيفا: بشكل عام هناك شركات ومؤسسات في القطاع الخاص اعتمدت إجازة اليومين لموظفيها وخفضت ساعات العمل إلى 40 ساعة بمعدل 8 ساعات يوميا دون أن يؤثر ذلك على إنتاجيتها بدليل استمرارها في ذلك لأن المسألة هنا تقوم على حسن الإدارة وكيفية استغلال الكوادر الموجودة والقدرة على التعامل مع الفراغ بعناصر جديدة مناسبة تستطيع إشغال مواقعها دون إحداث كلفة عالية على الميزانيات العامة للمؤسسة أو الشركة. وأشار في حديثه إلى أن قطاع المقاولات الذي يرتبط كثيرا بالجانب العقاري سيكون أكثر تأثرا بتنفيذ القرار لعدة أسباب، وقال: المقاول إذا أراد تغطية النقص الناجم عن منح العامل إجازة يومين من خلال استقدام عامل آخر؛ فإنه سيواجه مشكلة في الموافقة على الاستقدام وبالتالي سيصبح أمام مشكلة تعثر مؤكدة للمشاريع التي يديرها. تراكم الزيادات وعلى صعيد قطاع التخليص الجمركي الذي يعد واحدا من أعلى القطاعات التي تمكنت من توطين وظائفها؛ أكد رئيس لجنة المخلصين الجمركيين التابعة لغرفة تجارة وصناعة جدة المستشار إبراهيم العقيلي أن خفض عدد ساعات العمل يحتاج إلى زيادة في تدريب وتأهيل الأيدي السعودية العاملة حتى تكون جاهزة للدخول في سوق العمل، وأضاف: قطاع التخليص الجمركي يعمل طوال اليوم على مدار الأسبوع بسبب ارتباط عمله بالجمارك في مختلف منافذ المملكة. خاصة في أوقات الذروة والمواسم، لذلك يحتاج من يعمل في القطاع إلى الخضوع لدورة رسمية تحت إشراف الجمارك حتى يتمكن من الإلمام بمعظم الأعمال التي تنفذ قبل أن يبدأ عمله الميداني في حال اجتيازه الدورة بنجاح. وأضاف: بسبب خصوصية العمل في القطاع فإن معظم المكاتب لا تعطي إجازة للعاملين أكثر من يوم واحد فقط نتيجة عدم توفر البديل الجاهز والقادر على تلبية احتياجات العمل بالرغم من أن قطاع التخليص المتميز بارتفاع معدل التوطين فيه يرحب بأي قرار يسهم في رفع معدلات تشغيل السعوديين. وأفاد بأن هناك بعض الإشكالات التي تواجههم مثل زيادة التكاليف على ميزانية بعض المكاتب خاصة إذا كانت صغيرة؛ فينجم عن ذلك رفع سعر الخدمة المقدمة التي قد لا تتناسب مع المستوردين. مضيفا: الدورة الاقتصادية تتكامل مع بعضها وأي عملية ارتفاع سيقابلها ارتفاع مماثل مهما كان طفيفا لأن تراكم الزيادات السعرية يؤثر على القيمة النهائية للمنتج وبالتالي يدفع المستهلك ثمن هذه الزيادة. يشار إلى أن وزارة العمل كشفت أمس الأول عبر حسابها الرسمي في «تويتر» عن إرجاء قرار الاجازة الأسبوعية من دراسته على ضوء ملاحظات القطاع الخاص.