لم يكن والدي رحمه الله يلقي علينا تعليمات وأخلاقيات من كتبه التي كانت تغطي الجدران حوله، وإنما كانت تربيته لنا بمواقف وإيماءات في مناسبات عدة. كان -يرحمه الله- ملما بالأمور الشرعية وسابقا لعصره برؤيته العادلة المستبصرة للمستقبل في كون العلاقة بين قطبي الحياة، المرأة والرجل، هي علاقة تكامل وليست تضادا وبهذا مكنني الله بفضل منه من التخصص في مجال علمي تقني (دكتوراة في الفيزياء) ما هيأ لي وظيفة باحثة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. كانت ومازالت مرارة فقد والدي رحمه الله عظيمة عجزت دوما عن التعبير عنها عدت بعد وفاته لمواصلة عملي أختلس اللحظات بين سطور أبحاثي أحاول رسم كلمات أقولب ألمي فيها فأجد قوالب مفرداتي لا تستوعب حجم ألمي، فألقي الأوراق وأتابع العمل، وكانت مواصلتي لمشوار العلم والعمل هو تعبيري لوفائي لما تعلمته منه ولعل أبلغ وصف للألم هو وصف ربي العظيم العليم بحال خلقه وهو الإحساس وكأنك في فراغ بلا صوت مسموع ولا دموع تذرف ولا نبضات قلب. عندما عجزت عن التنفس عن ألمي بكلمات أرثي فيها من غمرني حبا، عملت جاهدة لتحقيق النجاح عشقا، النجاح هو اعتراف مني بفضل من علمني ودعاء دائم لوالدي أن يجزيهما خيرا على كل حرف علماني إياه، وسأعمل بإذن الله دوما وأعتني بزرع الخير والعلم الذي غرسه والدي، وأحقق المنجزات لوطني الغالي حبا واعترافا بالفضل مهدية ما حققت لوالدي أمي وأبي رحمهما الله وأجزل لهما المثوبة ثم أهديها لزوجي الغالي رحم الله من رباه ورباني.