أثار الناقد الدكتور أحمد الحراحشة موجة من الجدل الأدبي والثقافي حول فهم الشعر الجاهلي، حيث اعتبر أنه لا أطلال لدى العرب، ومطالع المعلقات الجاهلية ليست غزلية، فلا وجود لعبلة عنترة، ولا لهريرة الأعشى، ولخولة طرفة، ولا لفاطمة امرئ القيس. وكان الدكتور الحراحشة (عضو هيئة التدريس في قسم البلاغة والأدب بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية)، قد تحدث في محاضرته بالكلية (قراءة جديدة في الشعر الجاهلي) عن رؤيته الجديدة في تفسير وشرح الشعر الجاهلي، التي اعتمد فيها على المنهج الهرمنيوطيقي (التأويلي) الذي يركز على مقام القصيدة ودواعي القول التي كونت عاطفة الشاعر العربي المشبوبة تجاه موضوعه الذي أرقه حتى استدر منه القول. وبين الحراحشة أن معلقة امرئ القيس المشهورة (قفا نبك) لم تشرح بعد، فقد ظلمها الشرح القديم، إذ اعتبرها قصيدة غزل وتشبيب بالنساء ووصف وغير ذلك لما ورد من لوحاتها الخمس، فهو يعتبرها بعيدة عن شرحها القديم، حيث تبدأ من البيت الأول، وأن الشاعر قالها في رحلة إلى القسطنطينية على شط الفرات بين حامر وأكام، كما ورد في أحد أبياتها، فهو لم يقلها بعد حادثة غدير جلجل المختلقة والبعيدة في أحداثها عن مواضعات العرب الاجتماعية وقيمهم في الغيرة الشديدة على النساء، وأن الحبيب الذي يبكيه هو والده الملك حجر بن عمرو الكندي الذي قتلته بنو أسد ولم يستطع أن يسترد ملك أبيه. وتحدث الحراحشة عن قصيدة الأعشى (ودع هريرة) موضحا أن الأطلال لا تعني ما شخص من آثار الديار فوق سطح الأرض بعد تركها، لأن العرب لا أطلال لهم فهم أهل الخيمة أو بيت الشعر الذي لا يترك رسوما، وإنما معنى الأطلال هو الماضي المنتهي أو المنقطع الداثر والغابر، وأن المرأة في الشعر الجاهلي ليست من النساء، وإنما الشاعر يعمد إلى الاسم كمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية، إذ يخفي المشبه ويتحدث عن المشبه به ويلقي صفات المشبه على المشبه به، ووجه الشبه كامن في المشترك المعنوي بين موضوعه وهو همه الذي أرقه ودفعه إلى القول، وأن ما نعرفه من أسماء النساء في الشعر الجاهلي كعبلة وخولة وفاطمة وعنيزة وغيرها لسن نساء كان للشعراء علاقة معهن.