وصلت الجرأة ببعض أفراد القرية إلى نقد العريفة ووصف عهده بالشؤم قال أحدهم: من يوم مسك العرافة ما نزل المطر، وقال ثانٍ: حتى وايت القاز منعه من دخول القرية، وقال الثالث : الدليل على شؤم عصره جفاف الكظايم وانتشار العرفج والطلح في البلاد. وقال الرابع: مشكلاتنا مع الجيران زادت وأصبحوا يقطعون علينا الطريق كلما أردنا المسراح للاحتطاب والاحتشاش. وبما أنه ما من مجلس إلا وفيه نمام وناقل كلام يضيف عليه محذقات وبهارات حتى يكون أثره قويا على سامعه لتكون ردة الفعل عنيفة لم ينتصف الليل إلا والكلام اللاذع في أذن العريفة، وأول ردة فعل للعريفة أن غرف من الرماد المقوز في الملة وحثاه في وجه النمام، وقال له: وراك ما رديت عليهم يا الغيثمة تصطر الهروج الشينة وتجيني بها تسعى قم انقلع، وخرج منكسرا ود لو أن الأرض انشقت وبلعته. وفي ضحى الجمعة جهزت سعدية ثوب البفت والغترة والمشلح الحساوي وبخرت ملابس العريفة وجاءت بقارورة الريفدور وصبت في كفيه من مائها العبق وانطلق للجامع تسابقه في المساريب رائحة زكية. وقف العريفة بعد الصلاة وقال يا جماعة الخير لي معكم كلمة فانتظروني في الظلة. فتقاطر المستعجلون ليختاروا أماكن الفيء تحت الحماطة النابتة في ساحة الجامع. وأطل عليهم وقال: تعلمون وفقكم الله أن نقل الكلام بين الناس للإفساد بينهم رذيلة، والنبي محمد عليه الصلاة والسلام قال: (لا يدخل الجنة نمام) وأعلم أن بعضكم ناقم منذ اختياري لهذه المهمة، ولا يخفاكم أن المطر بيد الله وحده. وجفاف الكظايم سببه انعدام التنظيم بينكم والسراق الذين يسرون بالليل ويفكون خزاينها. والمزارع أنتم هجرتموها وجيراننا ما منعوا من قريتهم إلا كل خنذيل ما يراعي حقوق الجوار. أما الوايت منعناه بطلب بعضكم ممن يتمزر على مرته علما بأنها خير منه. وحددنا له موقعا في مدخل القرية يوقف فيه. وأحب أذكركم بالمثل الدارج (تسقى ديار الفسدة ولا تسقى ديار الحسدة).. علمي وسلامتكم.