أنا أراك وأنت تشقى.. أراك وأنت تبكي.. أراك وأنت تكتب الرسائل للبعيدين.. أراك وأنت تلح بالدعاء وأنت على يقين بالإجابة بالرغم من طول المدة.. أعطني قليلا وجعك واسترح. أعطني انحناءة ظهرك طيلة اليوم تحت الشمس الحارقة بنفس الثياب وبقايا الحذاء وأنت تجمع ما نرميه ونحن شامخي الرؤوس مستقيمي الظهر. أعطني كسرة نفسك عندما تبتسم لنا أو تقترب منا ونتأفف كي لا تأتي ونعطيك مبلغا لا يذكر من ميزانيتنا اليومية التي لا ندخلها ضمن محسوبياتنا أساسا. أعطني مخاطرتك بحياتك وأنت معلق في الهواء، خشن اليدين ويكسو وجهك وشعرك كل ألوان وروائح مواد البناء وأعطني إحساسك وأنت تردد الحمد لله عندما يأتي صاحب البناء ليقول لك إنه سيمدد ساعات العمل تحت الشمس من 5 ساعات ل8 ساعات بنفس أجرتك كي ينتهي البناء بشكل أسرع. أعطني دمعتكِ عندما ترين المجوهرات منثورة على الطاولة وأنت كأنثى لا ترى في يومها سوى صحون متسخة وحمامات عليكِ تنظيفها قبل أن نغسل أوساخ جسدنا بها مجددا. أعطني تشنج جسدك لجلوسك طيلة اليوم على كرسي السيارة دون طعام ونظرتك على فتاة ذات 17 عاما تسحب 4000 ريال من بطاقتها الائتمانية التي تحوي أضعاف هذا الرقم كي تتسوق هي وأنت تكمل انتظارك في وقت نومك. علمني كثيرا من الإنسانية والرحمة، علمني بأنك تود الشعور بتلذذي بالنعم، وبأنك تطمح للمعيشة بترف وبذخ كما أفعل.. لكنك لن تكون مثلي أنت ستشعر بأصحاب الحاجة لأنك كنت منهم في يوم ما. اعذرني يا صديقي أنا ابنة بيئة حاوياتها مليئة باللحم والدجاج والأرز، أنا ابنة النساء اللاتي يرتدين القطعة لمرة واحدة وابنة الرجال الذين يستبدلون سياراتهم شهريا. سأكون بشرا لا حجرا في يوم ما.