لعلكم تتذكرون تصريحات أمانة العاصمة المقدسة العام الماضي والعام الذي قبله، بل على مدار الخمس سنوات الماضية بسيطرتها على أخطار السيول ودرئها عن مكةالمكرمة، وكل مرة نصدق الأمانة تخذلنا الأمانة بمشاريعها الورقية، فإلى متى تستمر تصاريح مسؤولي الأمانة ويستمر «تصريفهم» لنا ويستمر صرفهم على هذه المشاريع الهشة التي تنهار مع أول زخة مطر برغم تكلفتها العالية على خزينة الدولة بينما محصلتها صفرية. هطلت أمطار لم تستمر سوى ساعتي العصر ولم يأت المغرب إلا ومعظم مشاريع درء السيول تنهار من جنوبمكة بالمغمس امتدادا لشمالها بحي العمرة مرورا بشارع الحج ومعظم بقية الأحياء، مكبدة المواطنين خسائر بشرية ومادية باهظة. والمأساة أن تتكرر الحوادث في المكان الذي بذلت فيه الأمانة جل جهدها، كما في مخطط «نبع الخير» مما يذكرنا بمأساة حي أم الخير بجدة، حيث تحول الحي المذكور إلى بحيرات وبرك مائية واقتحمت مياه السيول منازل المواطنين فيه، تماما كما حدث قبل خمس سنوات، وتماما عكس كل ما صرحت به الأمانة قبل خمس سنوات بأنها قضت على مشكلة الحي، وستعود الأمانة للتبرير المعتاد عن غزارة المياه غير المتوقعة، أو السدود التي قفلتها الأتربة و.. و.. أما نحن فقد شبعنا تبريرات، وأظنه قد آن وقت الحساب. بدون وقفة جادة لمحاسبة هؤلاء المسؤولين، أقله على عدم صحة ودقة تصريحاتهم، ولن أقول كذبهم وخداعهم سواء للمواطنين أو لمسؤولي الدولة ستتكرر المآسي وسيسقط المزيد من الضحايا وسيتكبد المواطنون المزيد من الخسائر، فمن يأمن الحساب سيتمادى في تقصيره وأخطائه. من يصدق أن مشروعا كلف 27 مليارا من الريالات، وهو عبارة عن قناة خرسانية قصيرة، لم ينجح في أول اختبار صغير له مع هطول أمطار الساعتين، فكيف لو طالت مدة الهطول، مشروع بهذه الكلفة العالية وقام بتصميمه مهندسون وخبراء ينهار في لحظات ويشكل بركا مائية داخل المخطط الذي صمم لحمايته، بل أدى لجرف السيول للمنازل القريبة منه، فأي هندسة هذه وأي تصميم وأي إدارة استلمته وتباهت به أمام الملأ. سيتكرر ذات السيناريو مع كل زخة مطر، وستتكرر ذات التصاريح وذات التبريرات، ولا نملك إلا أن نرفع أيدينا لله سبحانه أن يلطف بسكان مكة وبقية مدن المملكة من عبث العابثين، ونبعث الشكوى تلو الشكوى لأمراء المناطق بضرورة التدخل ضد هذا العبث السنوي المتكرر الذي يذهب ضحيته أرواح المواطنين وممتلكاتهم، بينما ضمير كل من المصمم والمنفذ والمستلم ورؤسائهم في سبات عميق.