لا نبالغ إذا قلنا إن هواجس (الإسلاموفوبيا Islamophobia)، تبلغ اليوم ذروتها مع استمرارية تدفق هذا الزخم الهائل من الصور والفيديوهات من قبل التنظيمات الإرهابية المتطرفة، التي تظهر كيف يتم قتل الأبرياء بدم بارد من أناس يرفعون راية الإسلام ويكبرون ويهللون قبل نحر الضحايا أو إحراقهم أو إغراقهم أحياء في مشهد تعجز هوليود عن مجاراته، وفي صورة وحشية همجية بربرية دموية لا يردعها الدين ولا الأخلاق أو الضمير. تكمن الإشكالية التي نعاني منها جميعا أن هذه المنظمات الإرهابية ترتكز على مضامين دينية وفقهية تم اجتزاؤها من سياقها لكي تسوغ أفعالها الدنيئة وتجتذب بخطابها العاطفي التاريخي اتباعا جددا، والمحصلة أن يتحول الدين إلى آلة قتل وسكين تقطع الرقاب، ويصبح كل من ينتسب إلى الدين ويطرح خطابا معتدلا أو مخالفا عن المتطرفين، في موضع شك وريبة وهاجس، ويظل دائما في موقف الدفاع والتبرير في محاولة يائسة للرد على الاتهامات والهجمات التي يتعرض لها من كل مكان يذهب إليه في الداخل والخارج. المتطرفون والعنصريون في أوروبا بدورهم أيضا وجدوا ضالتهم وباتوا يضيقون ذرعا من تواجد العرب والمسلمين في أراضيهم ويعبرون عن ذلك بكل أريحية، وحتى خطابات الكراهية والعنصرية أصبح لها أرضية خصبة، وتحظى بالمروجين والمصفقين وتلاقي ترحيبا كبيرا من قطاع واسع في المجتمع الغربي وفي وسائل الإعلام العالمية المختلفة، كما أن محصلة التطرف والإرهاب جعلت من الصعوبة التعاطف مع القضايا الإنسانية المستحقة للعرب والمسلمين في الشرق أو الغرب. ما هي مبررات كل هذا التطرف والعنف الدموي الفاجر؟ وكيف يتم التسويغ له بكل سهولة ويسر في مجتمعات الخليج والعالم العربي ومن مسلمين يعيشون في أوروبا وأمريكا وآسيا، ويجد أذانا صاغية وأتباعا وروادا وقنابل بشرية؟! وكيف نفسر انضمام أفراد من الجيل الثاني للعرب والمسلمين الغربيين، الذين ولدوا في المجتمعات الغربية وترعرعوا وتلقوا تعليمهم فيها، للتنظيمات التكفيرية الإرهابية. الأكيد أن القاعدة وداعش والنصرة وعصائب الحق وأبو الفضل العباس وجيش المهدي وفيلق بدر فتحوا أبواب الجحيم على مصراعيه وقد تحتاج المنطقة لسنوات طويلة لكي تصحح صورتها مقابل هواجس (الإسلاموفوبيا).