تسبب انخفاض أسعار النفط بعد وصول «نايمكس» إلى مستويات 37 دولارا للبرميل وبرنت قرب مستويات 42 دولارا للبرميل، إلى جانب بيانات الاقتصاد الصيني الضعيفة في ضرب أسواق الأسهم العالمية ماجعل البعض يطلق على يوم أمس اثنين اسود جديد في البوصات العالمية. وعلى الصعيد الخليجي خسر السوق السعودي 438.7 نقطة أمس ليغلق المؤشر عند 7024.60 نقطة، بتداولات بلغت 7.8 مليار ريال. وفي بقية الأسواق الخليجية هبطت مؤشرات أسواق دبي إلى 3401.6 نقطة، وأبو ظبي إلى 4264.8، والكويت إلى 5815.6، وقطر إلى 10572.5، ومسقط إلى 5736، والبحرين إلى 1304 ومصر إلى 6667.8 نقطة. وشهدت التداولات ارتفاع أسهم 8 شركات، وتراجع أسهم 158 شركة في قيمتها، في حين أغلق عدد منها على النسبة الدنيا القصوى، وبلغ عدد الأسهم المتداولة أمس أكثر من 386 مليون سهم توزعت على أكثر من 161 ألف صفقة. وكانت أسهم شركات مصرف الإنماء، سابك، دار الأركان، معادن، مصرف الراجحي، وإعمار الأكثر نشاطا بالقيمة، فيما جاءت أسهم شركات دار الأركان، الإنماء، إعمار، معادن، كيان، وزين السعودية على رأس قائمة أكثر الأسهم نشاطا بالكمية. وأغلقت قطاعات السوق كافة ال 15 على تراجعات حادة، تصدرها قطاع التأمين بنسبة 7.99 في المئة، التطوير العقاري 7.82 في المئة، الصناعات البتروكيماوية 7.26 في المئة، الاستثمار الصناعي 7.19 في المئة، الإعلام 7.18 في المئة، الزراعة 6.57 في المئة، والتجزئة بنسبة 6.44 في المئة، ثم التشييد والبناء 5.60 في المئة، وقطاع المصارف بنسبة 5.47 في المئة. كما تراجع قطاع النقل بنسبة 4.36 في المئة، وقطاع الطاقة 4.18 في المئة، وكذلك قطاع الأسمنت 3.94 في المئة، ثم قطاع الاتصالات 2.53 في المئة، فيما قطاع الاستثمار المتعدد أقل القطاعات المتراجعة بنسبة 1.32 في المئة. الأسهم العالمية وعلى صعيد منطقة اليورو فقد مؤشر «يوروفرست 300» الأوروبي نحو 1.26 تريليون دولار من قيمته السوقية منذ مطلع أغسطس بعدما بدأ يتجه في تسجيل أكبر خسارة شهرية منذ الأزمة العالمية 2008. وتلقت أسواق الأسهم اليابانية ضربة قوية عندما خسر مؤشر «نيكي» القياسي للأسهم اليابانية 4.6 في المئة ليغلق عند 18540.68 نقطة مسجلا أكبر خسارة يومية في عامين، كما هبط مؤشر «توبكس» 5.9 بالمئة إلى 1480.87 نقطة وانخفض مؤشر «جيه.بي.اكس-نيكي 400» بنسبة 5.7 بالمئة ليصل إلى مستوى 13370.33 نقطة. أسباب هبوط المؤشر تسببت 4 عوامل عالمية و8 محلية في وصول مؤشر سوق الأسهم السعودي إلى أدنى مستوى له منذ سنوات، فعلى الصعيد العالمي يظهر تأثير عوامل انخفاض أسعار النفط، وتباطؤ الاقتصاد الصيني الذي صاحبه خفض في قيمة اليوان، والترقب المشوب بالحذر على احتمال رفع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي خلال شهر سبتمبر المقبل، واضطراب الأسواق المالية العالمية. أما على صعيد العوامل المحلية فيأتي في مقدمة أسباب الانخفاض غياب القدرة على تحقيق التوازن، عند حدوث هبوط كبير مثلما حدث في اليومين الماضيين ويتمثل ذلك في غياب صناع السوق الحقيقيين، وعدم وجود تصريحات رسمية سريعة وعاجلة تبطل مفعول الشائعات لكي تبث التفاؤل، وعدم سن قوانين تنظم حجم التسهيلات القصوى التي تقدمها البنوك للمضاربين، ما يؤدي إلى حدوث تسييل جائر على المحافظ فيرتد أثره على السوق سلبا، بالإضافة إلى ضرورة زيادة الرقابة على المصارف، كونها تقدم قروضا ضخمة تفوق نسبتها 50 من المحفظة، الأمر الذي يعتبره مراقبون بأن فيه مخاطر كبيرة، لأن فقدان ما يعرف ب «المارجن» يقود إلى تصفية المحفظة من قبل البنك لحماية حقه، لذلك كان اقتراحهم متمثلا في إيجاد نسبة تمويلية لمنع تصفية المحفظة، مع ضرورة زيادة الرقابة على شركات الاستثمار. كسر منطقة القاع وعلى صعيد التحليل الفني، أوضح المستشار المالي محمد الشميمري أن مؤشر سوق الأسهم السعودية استمر في الهبوط متأثرا بأحداث عالمية، وقال: المؤشر كسر منطقة قاع 2014 التي تقع عند 7225 نقطة، فإذا استمر التداول تحت هذا المستوى ثم أغلقت شمعة شهر أغسطس على نفس الوضع، فإن هذا يعني أن اتجاه السوق تغير على «الفريم» الشهري إلى اتجاه هابط، مدعوما بباقي الفريمات. وأضاف: سجل السوق سعرا أدنى عند مستوى 6920 نقطة، في حين أن منطقة الدعم النفسي كانت عند مستوى 6900 نقطة، لكن المؤشر حين مر بمنطقة 6939 نقطة التي تعد تاريخيا قمة شهر مايو في 2010 ارتد سريعا ليغلق عند مستوى 7024 نقطة. وعما سيحدث في حال بقي المؤشر متعرضا للضغط اليوم، قال: إن أقوى دعم سيجده المؤشر في حال تم كسر منطقة الدعم النفسي 6900 نقطة، سيكون عند مستوى 6500 نقطة في الوقت الحالي، لذلك أقول أن كل شيء في السوق بات من الممكن حدوثه لكن في ظل هذا الوضع لابد من الوصول إلى مرحلة استقرار قبل البحث عن أهداف سعرية. ولفت إلى أن هناك شركات قيادية وصلت قيمة التداول فيها إلى منطقة قريبة من الاكتتاب، وأشار إلى أن عدة شركات يجري التداول فيها حاليا تحت قيمة الاكتتاب، وتحت القيمة الدفترية، مضيفا: هذا يدل على أن عمليات البيع التي تمت كانت تحمل الكثير من الخوف غير المبرر. وعن سبب هبوط المؤشر وسط ارتفاع قيمة التداولات؛ قال: من الملاحظ أن قيمة التداولات كانت مرتفعة قياسا بباقي الأيام الماضية إذ وصلت إلى 7.8 مليار ريال، ويعتقد أن ذلك سببه يعود إلى تسييل البنوك التي عادة ما تنفي أنها فعلت ذلك، وقد تكون محقة إذا كانت تقصد ما يعرف ب «طلب الهامش». وعن أسباب وجود اعتقاد في هذا الاتجاه، قال: سبب هذا الاعتقاد يكمن في ما يتم ترديده بوجود اتصالات تلقاها متداولون من قبل بنوك تعرض عليهم تسهيلات مالية لتلافي تسييل «طلب الهامش»، وهذا ما قد يكون أثر على قرارات المتداولين، فنجم عن ذلك ارتفاع في السيولة، ومقابل ذلك نجد أن هناك شراء، فالأسهم المعروضة على النسبة الدنيا قليلة، ما جعل المستثمرين يستغلون هذا النزول في شراء تلك الأسهم، باعتبارها فرصة جيدة لأن العروض على النسب الدنيا للكثير من الشركات تكون طفيفة جدا. أعراض الاقتصاد العالمي وعن سر تأثر أسواق الأسهم العالمية، وصف كبير المحللين الماليين في إحدى شركات البورصة رائد الخضر أن عام 2015 هو عام الضغوط على الاقتصادات العالمية، فأسفر عن ذلك تأثر معدلات النمو، مشيرا إلى أن أفضل الاقتصادات أداء «الاقتصادان الأمريكي والبريطاني» مازالا تحت الضغط بالرغم من تقديمهما أفضل أداء قياسا بباقي الاقتصادات العالمية. واستدل على ذلك بقوله: نتيجة الضغط الذي يجده هذان الاقتصادان فإن التقارير الاقتصادية الصادرة تشير إلى عدم القدرة على حسم مسألة تحديد النمو من أجل اتخاذ قرار نهائي بشأن رفع سعر الفائدة على الدولار من الجانب الأمريكي أو الجنيه الأسترليني من الجانب البريطاني، وذلك نتيجة ضبابية الأمور بشأن مستويات التضخم رغم التحسن في بعض القطاعات إلا أن الأدلة مازالت غير كافية. وأشار إلى أن ضعف أداء الاقتصادات العالمية أثر في الاقتصاد الأمريكي بقوله: معظم الاقتصادات العالمية الكبرى بدأت ترتكز على بيانات الاقتصادات الدولية الأخرى كما تفعل مع بياناتها الداخلية، فالمجلس الفيدرالي الأمريكي قد لا يرفع سعر الفائدة في سبتمبر بسبب الضغوط العالمية، إذ تضمنت محاضره الإشارة إلى أزمة اليونان، وتباطؤ الاقتصاد الصيني، باعتبار أن قرار رفع سعر الفائدة سيرفع صرف الدولار أمام العملات الأخرى، ما سيحدث هزة قوية في الاقتصاد العالمي قد يرتد أثرها مباشرة على الأسواق الأمريكية، وبالتالي فإن الظروف الاقتصادية العالمية لا تساعد على اتخاذ قرار بشأن رفع سعر الفائدة. وعن أثر أسعار النفط على أسواق الأسهم العالمية، قال: من وجهة نظري أعتقد أن «أوبك» يمكن أن تتدخل لحل أزمة الأسعار عندما يدخل مؤشر السعر إلى مستويات قاع الثلاثينيات، بالرغم من أن هناك تأكيدات من أعضاء في «أوبك» بأن مستويات العشرين تظل مقبولة، وسط مراهنة على تحسن الطلب خلال عام 2016 بحسب ما يرونه. حافة الانهيار وعن إمكانية وصول أسعار النفط إلى مستويات العشرينيات من الدولارات، قال الخضر: الوصول إلى هذه المستويات بات أمرا واردا في ظل تزايد احتمالات الوصول إليه نتيجة تراجع الاقتصادات العالمية بشكل فعلي وواضح حاليا، وإذا أردنا تشخيص الوضع الحالي لأسعار النفط، فنحن على حافة انهيار سعري، باعتبار أن السعر إذا وصل لمستويات معينة سيكون انخفاضه متتاليا بشكل سريع، ويكفي أن الأسعار فقدت نحو 66 في المئة من القمة التي وصلت إليها سابقا، لكن الانهيار سيدخل في حالة قوية إذا لم تتخذ «أوبك» قرارا في اجتماعها المقبل. وزاد: النفط مازال تحت الضغط في ظل استمرار معدلات العرض والطلب على ما هي عليه الآن، ولا يوجد بوادر على التحسن في الوقت الحالي، الأمر الذي أدى إلى تراجع ثقة المستهلكين عموما، والميل إلى عدم الإنفاق مقابل الادخار في ظل تراجع مستويات التضخم التي قادت إلى تأثيرات سلبية متتالية كما هي عليه الآن. وعن أفضل الحلول لتجاوز هبوط أسعار النفط، قال: يجب التدخل لتحديد حجم الإنتاج، إذ ستكون الأنظار متجهة إلى اجتماع «أوبك» المقبل المزمع عقده في ديسمبر، كما يجب أن نرى تحسنا في بوادر الطلب يصاحبه تغييرا في معدلات التخزين في ظل تراجع قوة الدولار. وأضاف: التأثير السلبي للنفط سيظل مستمرا على الأسواق العالمية كونه المحرك الرئيسي لها في ظل تراجع وتباطؤ الاقتصاد الصيني وتزايد الضغط على الاقتصاد الأمريكي مؤخرا، ما يجعل المؤشرات تدلل على أن الاقتصاد العالمي يسير إلى مزيد من الضعف. باتجاه أزمة عالمية وحول كيفية تأثر الاقتصادات الناشئة من الاقتصادات الكبرى، قال الخضر: التأثيرات السلبية على الاقتصادات العالمية الكبرى حاليا يرتد أثرها مضاعفا 3 مرات على الاقتصادات الناشئة، وما نراه حاليا يمكن وصفه بالعبارة التالية: «نحن متجهون إلى أزمة عالمية» في حال استمرار الأسواق العالمية على وضعها الراهن. وتابع بقوله: ما يحدث في الأسواق الأمريكية حاليا يعتبره بعض المحللين أنه في إطار تصحيح المسار، وقد يكون ذلك ممكنا لكن استمرار الوضع على ما هو عليه سيعطي إشارة واضحة على أنه تغيير في الاتجاه بشكل كامل، وبالتالي فإننا نتحدث عن المزيد من التراجع داخل السوق الأمريكية. وأشار إلى أن النتائج التي نقرأها من البيانات الاقتصادية الصينية تجعل المراقبين يتأكدون بأن مرحلة التباطؤ الموجودة في السوق الصيني بدأت تخرج عن السيطرة، مضيفا: القرارات التي اتخذتها الحكومة الصينية، وبنك الشعب الصيني، وصناع السياسة النقدية في الصين لا تحسن من أداء الأسواق بقدر ما أدت إلى حدوث العديد من التراجعات في الأسواق الآسيوية وتأثر عدة اقتصادات دولية.