أقفل سوق الأسهم السعودي أمس عند مستوى 7461 نقطة، حيث فقد السوق نحو 551 نقطة، بنسبة تراجع 6.89 في المئة، بسيولة نحو 6.6 مليار ريال. وعلى الرغم من أن البعض يحلو له الربط بين تعديل وكالة فيتش للتصنيف النظرة المستقبلية للمملكة إلى سلبية من مستقرة وتأكيدها التصنيف الائتماني للمملكة عند «AA» ، إلا أن هناك العديد من المؤشرات التي تؤكد أن السوق سيرتفع ليستعيد قممه السابقة، إذ تتداول الكثير من الشركات عند مكرر ربح 16 مرة، وهذا المكرر مغر للمستثمرين السعوديين والأجانب، للدخول بسيولة شرائية والاستفادة من هذه الفرص، التي لن تتكرر، لذلك فهذه دعوة لجميع المستثمرين «ألا يفرطوا في أسهمهم»، انتقوا الشركات ذات الملاءة المالية ولا تلتفتوا لمروجي الإشاعات وموزعي الإحباطات. والحقيقة أن ما وصل إليه السوق خلال الفترة الأخيرة قد ساهمت فيه عوامل عديدة، إذ تراجعت أسعار النفط بشكل حاد وفقدت أكثر من 60 في المئة من قيمتها، وتراجعت على أثرها إيرادات الدولة من النفط، ما اضطرها للسحب من الاحتياطي، ومؤخرا اتجهت إلى إصدار سندات حكومية للحفاظ على الاحتياطي العام للمملكة، كما ألقت أزمة الديون اليونانية بظلالها على الاقتصاد العالمي وساهمت بشكل كبير في تراجع البورصات العالمية وتأثر بسببها سوق الأسهم السعودي، كما أن انهيارات الأسواق المالية الصينية وما تبعها من تراجع في نمو الاقتصاد الصيني واتخاذ البنك المركزي الصيني قرار بتخفيض قيمة اليوان 3 مرات متتالية، كان لها أثر أيضا في تراجع السوق السعودي وكذلك ساهمت ضعف السيولة الشرائية في دعم التراجع. كل هذه مؤثرات ساهمت في تراجع السوق، لكن هل هذه العوامل فقط هي التي تسببت في تلك الانهيارات، وآخرها أمس. من المعلوم لدى خبراء الأسواق أن التحليل الفني والتحليل المالي لا يجدي في مثل هذه الانهيارات المحبطة لنفسيات المتعاملين في الأسواق والتي قد تساهم في اتخاذ قرارات خاطئة من قبل المستثمرين وخصوصاً في الأسواق الناشئة، التي يغلب على تعاملاتها الفردية، حيث يزيد عدد المستثمرين الأفراد في السوق السعودي عن 90 في المئة، لذا تجد عمليات البيع تتم حال الانهيار بشكل عشوائي ومكثف، ما يساهم في زيادة هبوط السوق وانتشار الذعر بين المتعاملين. ومن الأمور المحبطة أيضا حال انهيارات الأسواق المالية نشوء بيئة خصبة لانتشار الشائعات وتصديقها من قبل المستثمرين دون الرجوع إلى أهل الاختصاص للتأكد من تلك المعلومات، ومن تلك الإشاعات التي انتشرت مؤخراً هو ما تم تداوله خلال الأيام الماضية من أن الصناديق الحكومية قد سيلت بعض محافظها، وهو ما تم نفيه من قبل مصدر مسؤول لاحقا، وكذلك إشاعة هبوط أسعار النفط إلى مستويات 20 دولارا للبرميل. وهذه الشائعات تساهم في خلق حالة من عدم الاستقرار والخوف من المستقبل وتساهم في اتخاذ قرارات ليست في صالح المستثمر والسوق. إن الهبوط الحاد الذي حصل خلال الأيام الماضية في سوق الأسهم كان مبالغا فيه، وقد ساهمت الحالة النفسية للمستثمرين في جزء كبير منه ولا يعفى من ذلك الانهيار، شركات الوساطة المالية التي قامت بتسييل بعض المحافظ التي تعتمد على التسهيلات. إن الاقتصاد السعودي قوي جدا، ولن يتأثر على المدى القريب بتراجع أسعار النفط، فالدولة تمتلك احتياطيات نقدية واستثمارات تتجاوز 2.5 تريلون ريال، مع نسبة دين لا تتجاوز 2 في المئة من الناتج المحلي وهي أقل نسبة دين على مستوى العالم، وقد سبق للحكومة أن تجاوزت عدة أزمات أكثر خطورة في ظل عدم وجود احتياطيات مطلقا.. بل كانت نسبة الدين للناتج المحلي عالية جدا، وسوف تستمر الشركات المساهمة في النمو، مع استثناء قطاع البتروكيماويات من عمليات نمو الأرباح في ظل تراجع أسعار النفط، إلا أن بقية القطاعات سوف تنمو أرباحها حتى لو بقيت أسعار النفط متراجعة، وفي مقدمتها قطاع المصارف والخدمات المالية وقطاع التجزئة وقطاع الإسمنت، وسوف تضخ في الاقتصاد السعودي صافي أرباح يتجاوز 100 مليار سنويا، بالإضافة إلى الشركات الأخرى غير المدرجة في السوق.