لا شك أن قضية الإسكان من أبرز القضايا التي أثرت على المواطن بشكل مباشر وغير مباشر، وكان لها دور في بروز قضايا أخرى، سواء مالية أو اجتماعية أو غيرهما، وبكل تأكيد فإن التضخم في أسعار العقار لا يتناسب مع دخل المواطن، وهو الأمر الذي جعله رهنا لقروض مالية مرتفعة، فيما البعض الآخر فضل تحمل أسعار الإيجارات لعدم قدرته على الحصول على قرض أو تمويل سكني في ظل إلزام المواطن بالدفعة الأولى التي تقدر ب30% من قيمة العقار، ولا شك أن قرار نسبة التمويل المرتفعة يمكن مناقشتها مع 4 جهات رئيسية هي: مؤسسة النقد، البنوك، المطور العقاري، وأخيرا المواطن. فمن جانبها، ترى مؤسسة النقد أن هذا الشرط سيقلل من نسبة الديون البنكية على المواطنين ويحميهم من الانجراف خلف العروض البنكية، كما أنها تهدف أيضا إلى تقليل مخاطر وفاء المواطنين بهذه القروض التي يمكن أن تؤدي إلى أزمة قروض سكنية، ولكن حسب المتعارف عليه في الكثير من الدول فإن هذه الدفعة يجب أن تنخفض إلى 15%، أما من ناحية البنوك فإنها لدينا تتسم بنشاطها الربحي وعدم اهتمامها بالمسؤولية الاجتماعية ولا تنظر لمصلحة العميل، وترى أن هذا الشرط أثر على أهم منتجاتها الربحية وهي القروض، وفي ظل هذا الشرط أيضا انخفض الطلب على استثماراتها العقارية مما سيقلل من مستوى أرباحها السنوية، وبالنسبة للمطور العقاري، ساهم هذا الشرط في انخفاض الطلب على منتجاتهم العقارية مما أدى إلى خسائر محدودة، وطرح خيارات أخرى كزيادة فترة السداد مع زيادة في نسبة الفائدة على المواطن، ولا شك أن هناك انخفاضا في الصفقات العقارية مما سينعكس سلبا على المطورين العقاريين الذين يشترطون أرباحا مبالغا بها تصل إلى 40% من قيمة المنتج العقاري. من هنا يجب تقنين أرباح هذه الشركات أو المؤسسات العقارية بشكل معقول ومنطقي. أما بالنسبة للمواطن فأصبح رهينة لوعود وزارة الإسكان، بينما أسعار العقار تضاعفت بشكل كبير. والحل يتمثل في وزارة الإسكان التي يجب أن توجه جميع إمكانياتها لإقامة وحدات سكنية للمواطن ولو لزم الأمر إقامة مناطق بديلة للسكن في مدن ومناطق أقل تضخما وتطبيق نظام الرسوم على الأراضي البيضاء عاجلا، كما يجب أن تحدد نسبة معينة لارتفاعات أسعار العقارات والإيجارات بما يتناسب مع دخل المواطن لكبح جماح التضخم، كما أن التنسيق بين الجهات الحكومية لتنفيذ استراتيجية وطنية لحل أزمة الإسكان أمر بالغ الأهمية حتى نقلل من الازدواجية أو تضارب القرارات بين هذه الجهات.