لم يكن الرئيس الإيراني حسن روحاني واضحا وصريحا كما كان في تصريحه الأخير عندما قال: «إن الاتفاق الإيراني هو صفحة جديدة في التاريخ بدأت عندما انتخبني الإيرانيون رئيسا». فالصفحة التي يتكلم عنها روحاني تأتي لتضع خطا فاصلا بين مرحلتين في إيران، مرحلة المهدويين والفكر المتطرف بقيادة علي خامنئي، والتي بلغت ذروتها مع تنصيب أحمدي نجاد رئيسا للدولة وقمع الثورة الخضراء وكل من يمت إليها بصلة، ومرحلة هي مرحلة الوجوه المعتدلة أو مدرسة هامشي رفسنجاني ومحمد خاتمي. مما لا شك فيه أن تيار روحاني ومن معه قد وجه صفعة كبيرة لتيار خامنئي ومتطرفيه، إلا أن الصفعة ليست بالضرورة قاتلة، فالتيار المتشدد عميق وعميق جدا في إيران، وهو متواجد وبقوة في كافة مفاصل الدولة ومفارقها وأدواته القمعية جاهزة من الحرس الثوري إلى فيلق القدس ومنتجاتهم الإرهابية. روحاني وفي إطلالته الأخيرة زعم أنه يسعى إلى إنهاء الإكراه والعقوبات ضد إيران، المسار الذي نسلكه هو مسار الاعتدال، فهذا المسار الذي يتحدث عنه روحاني هو مسار إيران أولا، أي مسار الالتفات إلى الشعب الإيراني والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها، هو المسار الذي نادى به شباب الثورة الخضراء في حينه عندما قالوا «مال إيران للإيرانيين وأحق به من حزب الله وفيلق بدر». روحاني وجه صفعة لخامنئي، إلا أن الصفعة في المعارك ليست قاتلة بل هي خطوة أولى في مسار الاعتدال كما أسماه روحاني نفسه، إلا أن الخوف أن يفشل روحاني كما فشل من سبقه، فتجربة الرئيس خاتمي ما زالت حية في ذاكرة الناس، والخوف أكثر أن ينتهي روحاني إلى ما انتهى رؤساء إيرانيون معتدلون من قبله كالرئيس بني صدر؛ والخوف أيضا أن يسأل الإيرانيون بعد فترة عن روحاني كما يسألون اليوم عن مير حسين موسوي.