ايزال وارين بوفيت ثالث أغنى رجل بالعالم يسكن في بيته المتواضع منذ 60 عاما، بينما يملك بعض موظفيه قصورا فخمة، كما أنه يقود سيارة متواضعة مريحة بالنسبة له. وعندما سئل هذا الرجل الذي تبرع بثلثي ثروته قال: «لا يعني امتلاكي المال أن أتخلى عن سعادتي، لأحقق ما يتوقعه الناس». تتسرب أيام العمر فتضيع ندما على ما فات وقلقا مما سيأتي، وبين الماضي والمستقبل ننسى أن نعيش اللحظة الأهم في حياتنا، الحاضر بأحداثه وزخمه، فنظل نبحث عن السعادة حولنا، بينما هي في أعماقنا، فما هي السعادة؟ يجيب عالم الأحياء الفرنسي ماثيو ريكارد، أسعد رجل في العالم حسب دراسة بالأشعة المغناطيسية لقياس نشاط الجزء الأيسر من مقدمة الدماغ المسؤول عن السعادة، «السعادة حالة من الصفاء وتحقيق الذات، والإحساس بها مهارة يمكننا إجادتها بالتدريب المتواصل»، تماما كما تعلمنا قيادة السيارة. نبدأ بالصفاء الذهني أولا، أو الإحساس بالهدوء والسلام الداخلي، أو كما سمته الديانات السماوية الإيمان، ففي الحديث «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا المؤمن»، فينعم الإنسان بمالديه من صحة وعائلة تحبه، ولا يركز تفكيره على ما لا يملك. وهنا لا بد من التذكير بأن السعادة لا ترتبط بالمال فرغم أنه يعطيك اختيارات أكثر بالاستمتاع، لكنه يقود إلى الطمع بالمزيد. أما تحقيق الذات أو الإنجاز فهو ما يجعل السعادة حقيقية، فالشخص غير المنتج يعاني من تدني احترامه لذاته. أغمض عينيك الآن وتذكر ما تتمتع به، فها أنت تبصر وتجيد القراءة والتفكير، وإن تأملت جيدا ستجد أن قائمة ما لديك أطول بكثير مما تفتقده، وبدلا من أن تقضي العمر تبحث عن السعادة في كل مكان، فقط أخرجها من داخلك. وتذكر أن السعادة قرار لا بد أن تتخذه (الآن). «تنقضي الحياة بينما نحن ننتظر أن نعيش» سيناك.