قال تعالى (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله)، (وأما بنعمة ربك فحدث)، فالله تعالى أمر أن يحدث صاحب النعمة الناس عن نعمة الله عليه وذم الله الذين يكتمون ما آتاهم الله من نعمة، وهناك فارق جذري وجوهري بين ان يحدث الانسان الآخرين عن نعمة الله عليه وسلوك الاستعراض الفج بالبذخ الذي يكون لدى محدثي النعمة بشكل خاص والمبذرين من المترفين، فأن يحدث الانسان غيره بنعمة الله يقصد به ما بنيت عليه ادبيات التنمية الذاتية التي تعتمد على جمع قصص نجاح وتفوق وامتياز الناس وتغلبهم على الصعوبات والتحديات لتحقيق أقصى نعمة، فالاطلاع على قصص النعم هذه تحيي الأمل لدى الناس وتشحذ هممهم وترفع معنوياتهم وتجعلهم يحسنون الظن بالله تعالى وتقربهم من التعلق به سبحانه لجعل المستحيل ممكنا والصعب سهلا في مساعيهم لتحصيل نعم الله تعالى، وهذا يجعل حياة الناس الدينية والدنيوية أفضل وأجمل، لكن للأسف غلب على المسلمين نوع مرضي من الوسواس القهري بقضية «الاصابة بالعين» والتي حقيقتها أنها مجرد طاقة سلبية، وهالة طاقة الانسان العادية عادة تكون مقاومة لاختراقات هذه الطاقة السلبية والتي لا تزيد على أثر الطاقة السلبية للجوالات والاجهزة الكهربائية التي تحيط بالإنسان في كل مكان وطوال الوقت، ولهذا لا داعي لهذا الوسواس الواهم، بالإضافة لأنه في الطب هناك ظاهرة طبية تسمى «بلاسيبو Placebo» وهيئة الدواء والغذاء الامريكية تشترط لمنح اجازة لأي عقار أن تجري عليه اختبارات وتجارب بلاسيبو، أي ان يتم اعطاء مجموعة من المتطوعين حبوبا ليس فيها العقار، وتعطى المجموعة الثانية حبوبا تتضمن العقار لأن العلماء توصلوا لأن مجرد اعتقاد الانسان ان الشيء سينفعه فهذا يحدث النفع لديه ولو كان لا يحتوي أي مادة نافعة، وغالبا تكون النتائج في تجارب الدواء متقاربة بين المجموعتين ويتم اجازة العقار من قبل هيئة الدواء ان ثبت وجود أثر له أكبر من أثر البلاسيبو بالمجموعة الواهمة، وبالمثل أثر «نوسيبو Nocebo» وهو ان يتضرر الإنسان من شيء لاعتقاده بأنه ضار وان كان فعليا لا ضرر له، ولهذا من يعتبر ان ابداء الناس اعجابهم بشيء منه يعني وقوع أثر العين السلبي فالضرر سيحصل للإنسان لمجرد توقعه واعتقاده أنه سيقع وليس لأن الآخرين بالفعل اسقطوا عليه طاقة العين السلبية، ولهذا مثل هؤلاء الموسوسين يتعمدون التشكي امام الناس من سوء أحوالهم وان كانوا في أوسع نعمة «لرد العين». [email protected]