* «لماذا تركت الحصان وحيدا» وترجلت؟ * حين سلمك المغفور له الملك الراحل خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- راية السياسة الخارجية السعودية، كان ببصيرته الثاقبة يدرك أنك خير خلف لخير سلف. * لقد كان والدك الغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز قد أودع فيك سره وحنكته فهو أول صانع للخارجية السعودية في العالم، والقائد الفذ العظيم الذي رسم ملامح السياسة الخارجية للمملكة، حين قاد سفينتها باقتدار في بحر لجي العواصف، يمور بمؤامرات وأطماع القوى الإقليمية والدولية. * كان رحمه الله يدرك أي الرجال أنت، ويدرك المهام الجسام التي تنتظرك، والتي لن يتصدى لها رجل غيرك. فكنت فارسها الذي لا يشق له غبار. إذ كنت السيف المسلول على كل من يقف في وجه أحلام وتطلعات أمتيك العربية والإسلامية. * لم تخلف له عهدا، وكنت على قدر المسؤولية، صمام أمان لكل المشاكل والقضايا التي اعترضت أمتك طوال أربعة عقود من العمل الدبلوماسي. بدءا من قضية فلسطين قضية العرب والمسلمين الأولى، مرورا بالصراع اللبناني، وحرب الخليج، والأطماع الإيرانية في الخليج، والاختراق الإيراني للعراق، والمأساة السورية، وفتنة البحرين، وانتهاء بعاصفة العزم. * كنت الربان الذي لم يقد -فحسب- سفينة بلاده إلى بر الأمان، بل ربان سفن البلاد العربية والإسلامية، فأطفأت الحروب، وكنت البلسم السحري الذي يشفي آلامها ويخفف أوجاعها، والصخرة التي تتكسر عليها كل محاولات العدوان على هذه الأمة. * كان كلامك خير الكلام: ما قل ودل. * وكان موقفك المبدأ الواضح والصلب الذي لا يتغير ولا يتبدل. * كنت السيف الذي يصرع دون أن يسيل قطرة دم واحدة. * وكنت المنتصر بالرعب في ميدان السياسية الدولية. * لن أكرر ما قاله دهاة السياسة فيك، فأنت أكبر من أقوالهم وأوصافهم، وما فعلته في مجال السياسة الخارجية لأمتيك، تعجز عنه المؤسسات الراسخة للدول العظمى. يكفي شهادة أعدائك فيك، فها هي صحيفة هآرتس العبرية تقول: * الأمير سعود الفيصل من الدبلوماسيين القلائل الذين يرفضون مبدأ «الدبلوماسية السرية»، رغم أن هذا المبدأ تطبقه العديد من الدول، إلا أن مواقفه من مختلف القضايا معروفة ومعلنة ليس فقط للسعوديين ولكن للعالم أجمع. * فلماذا ترجلت في هذه اللحظة بالذات؟ * ولمن تركت الحصان وحيدا؟ * أما كان من الممكن أن تبقى لترى زهور الأمل تتفتح على مساحة وطنك العربي الكبير؟ وتحصد سنابل الخير التي زرعت بذورها بيديك. حين جمعت هذه الأمة على قلب رجل واحد لمحاربة البغي والظلم والفتنة والعدوان؟ * عزاؤنا فيك أنك ترجلت بعد أن حصنت الأمة ووضعتها على محجة سياسة خارجية، فالمبادئ السياسية التي أعليت بنيانها هي مبادئ تقوم على قيم الحق والعدل والسلام.وهي المبادئ التي تسعى البشرية لترسيخها منذ فجر التاريخ. * ومن يعلي بنيان هذه المبادئ والقيم، فلن ينساه الوطن ولا العالم ولا التاريخ. * وهذا هو عزاء أهلك ومحبيك فيك. * يا غائبا حاضرا في العقل والقلب. سعود أنت لنا أيقونة الحب.