إذا كان قد ذهب من شهر رمضان أكثره فقد بقي فيه أجله وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته وموضع الذؤابة منه. ولقد كان صلى الله عليه وسلم يعظم هذه العشر ويجتهد فيها اجتهادا حتى لا يكاد يقدر عليه يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرطين من نقتدي به صلى الله عليه وسلم فنعرف لهذه الأيام فضلها ونجتهد فيها، لعل الله يدركنا برحمته ويسعفنا بنفحة من نفحاته تكون سببا لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله. وإن لمن الحرمان العظيم والخسارة الفادحة من نجد كثيرا من المسلمين تمر بهم هذه الليالي المباركة وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة في ما لا ينفعهم فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب وفي ما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر ليست له هذه الفضيلة والمزية.