كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر -كما هي على الدوام- أنموذجا حيا نابضا، ومنهاجا عمليا، يحتذيه المسلمون ويترسمون خطاه كما قال سبحانه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}. وقد فرض في السنة الثانية من الهجرة، فصام عليه الصلاة والسلام تسعة رمضانات، وقد فرض- أول الأمر- على وجه التخيير بين الصيام وبين الإطعام عن كل يوم مسكينا، وهي المرحلة الأولى. ثم أوجب الصيام على سبيل الحتم، لكن الصائم -إذا نام قبل أن يأكل عند فطره- حرم عليه الطعام والشراب إلى الليلة المقبلة، وهي المرحلة الثانية. ثم نسخ ذلك واستقرت فريضة الصيام على صفتها المعروفة إلى يوم القيامة. وكان من هديه - عليه الصلاة والسلام - ألا يصوم رمضان إلا برؤية محققة، أو بشهادة شاهد واحد عدل، كما جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه أخرجه أبو داود والحاكم وابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح. فإذا لم تكن رؤية؛ فإنه كان يكمل عدة شعبان ثلاثين يوما، ثم يصوم، وكذلك إذا حال دون رؤيته غيم أو غبار؛ فإنه يكمل عدة شعبان ثلاثين، ولم يكن يصوم يوم الغيم، ولا يأمر بصيامه، وأما قوله: «فإن غم عليكم؛ فاقدروا له» فالمراد به إكمال عدة الشهر بالحساب المقدر.