من يقرأ الخبر الذي يقول إن عمال النظافة يرفعون يوميا من المسجد الحرام في مكة 143 طنا من النفايات يعرف أننا لسنا أمة نظيفة فحسب بل أمة لا تسلم أقدس مقدساتها من أن تكون مرتعا للنفايات التي لا يتورع كثير من زوار المسجد الحرام عن تركها وراءهم حين يغادرون دون أن يشعروا أن أقل ما يتوجب عليهم هو رميها في صناديق النفايات أو حملها معهم في الأكياس التي أحضروا فيها الأكل الذي أكلوه والشراب الذي شربوه. 143 طنا من نفايات رجال ونساء جاءوا من أجل العبادة، ثم غادروا المكان ولا مكان للعبادة فيه لولا الجهود المتواصلة آناء الليل وأطراف النهار لتنظيف المسجد الحرام وإعداده لكي يكون مكان عبادة لقوم آخرين لا يلبثون أن يتركوا نفاياتهم فيه ويغادروا. يدخل المعتمرون والمصلون إلى الحرم قبيل الإفطار لا يحملون معهم غير التمر والقهوة ومع ذلك فإن منظر الحرم يدعو للأسف إذا ما فرغ المفطرون من افطارهم إذ لا يصبح في الحرم مكانا لسجود ساجد لم تتناثر فيه حبات النوى كاسات الشاي وفناجين القهوة، فإذا ما اجتهد المنظفون في التنظيف كانت هذه العشرات من أطنان النفايات التي يرفعونها كل يوم من الحرم. ما يحدث في المسجد الحرام تجسيد لحال المسلمين في أصقاع الأرض، أمة لا تعرف كيف تحافظ على نظافة مقدساتها كما لا تعرف كيف تحتفظ بنقاء دينها، أمة لا غرابة أن تكون مرتعا للفقر والجهل والمرض، أمة تتكاثر فيها خلايا التكفير والإرهاب كما تتكاثر البكتريا، أمة لا تليق بدينها العظيم الذي كأنما لم يعد بينها وبينه نسب، أمة أراد الله لها أن تكون خير أمة أخرجت للناس فأرادوا لأنفسهم غير ذلك.