جاء تقرير هيئة مكافحة الفساد لعام 1435 1436ه محبطا لي ومخيبا للآمال، فما يقارب من 88% من الحالات التي بها شبه فساد والمحالة من الهيئة إلى جهات التحقيق المختصة من أصل 200 قضية لازالت تراوح مكانها لدى جهات التحقيق وفقط 8% منها حولت للقضاء وتم حفظ 4% منها. ولم تخف هيئة مكافحة الفساد في هذا التقرير المرفوع لخادم الحرمين الشريفين يحفظه الله مخاوفها من أن التأخر في البت في قضايا الفساد تلك قد يؤدي إلى قيام المفسدين بالتصرف بما اكتسبوه من أموال بغير وجه حق وضياع وإخفاء الأدلة، كما تحفظت أيضا لعدم إشراكها في إجراءات التحقيق مع المشتبهين لما تمتلكه من خبرات في هذا المجال. الأدهي من كل ذلك يذكر التقرير عدم تجاوب بعض الوزارات مع الهيئة بتزويدها بالمعلومات والوثائق والمعلومات التي تحتاجها للتحقق من شكاوى الفساد بالرغم من وجود أربعة قرارات ملكية تؤكد على ضرورة التعاون مع الهيئة في موعد أقصاه 30 يوما، وزاد الطين بلة عدم سماح مؤسسة النقد بكشف الحسابات المالية للمشتبه فيهم!. بصراحة كنت مستاء من أداء هيئة مكافحة الفساد في السنوات الماضية ومنذ إنشائها، ولكن بعد اطلاعي على هذا التقرير تعاطفت معها لحد كبير لأنها بالفعل كانت ومازالت محاطة بمجموعة من الأنظمة التي لا تساعدها على ضبط قضية فساد (مكتملة الأركان) فهي تقوم بعملية البحث والتحري عن شبه الفساد التي تصلها من المبلغين في نطاق صلاحياتها المحدودة، وتبقى الجوانب التنفيذية لهيئة الرقابة والتحقيق والقضاء التي لا تشارك في مداولاته حسب التقرير. وبالرغم أن نزاهة رفعت للمقام السامي منذ عامين لائحة تنظيمية لإقرار الذمة المالية لمتابعة حالات الثراء المشكوك في مصدره لدى العاملين المشمولين بإقرار الذمة المالية وتؤدي بالمضمون إلى السؤال الهام (من أين لك هذا؟)، إلا أن تطبيقه في حالة إقراره على أرض الواقع سيواجه بسيل من المعوقات بضعف الصلاحيات الممنوحة للهيئة ومنها عدم تجاوب البنوك مع الإستفسارات, وعدم إشراك الهيئة في إجراءات التحقيق الرسمية و الطرق المتعددة للتحايل على هذا النظام، فموظف بسيط غير مشمول بهذا الإقرار يعمل بجهة تنفيذية لها علاقة بمصالح الناس قد يتكسب من وظيفته أموالا طائلة أكثر من مسؤول في منصب كبير!. هناك جهود مكررة ومهدرة أحيانا لأداء جهات رقابية تختص بالمال العام كديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد قد تكون تنظر قضية واحدة، أتمنى أن تلتئم وتنضوي هذه الجهود تحت هيئة تنفيذية واحدة، تقوم بالاستقصاء والتحري والتحقيق والمداولات القضائية وإصدار الحكم الأولي ثم يحال هذا الحكم للجهات الأعلى من التقاضي التابعة لوزارة العدل. عدم صدور أحكام نافذة وقوية تحافظ على مكتسبات الوطن حتى الآن (حسب علمي) ضد مسؤولين سابقين أو على رأس العمل تتعلق بسرقة المال العام والتربح من الوظيفة، تجعل بعض خائني الأمانة يظنون أنهم في مأمن، أتمنى أن لايدوم هذا الشعور مع وجود ملك الإصلاح والحزم والقوة سلمان بن عبدالعزيز أطال الله في عمره ووفقه ونصره، فهو الذي يأمل منه الشعب المزيد والكثير.