عرفت الصديق الزميل الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالكريم الصويغ (رحمه الله) منذ عقد من الزمن، عندما اصطحبني أحد أقاربي إلى مجلسه الأسبوعي في منزل الفقيد الواقع بأبحر الشمالية. كان مجلسا عامرا بمختلف الأوساط يجمع بين الناس بصفة أسبوعية يتسامرون ويتبادلون الآراء والحوارات العلمية والإجتماعية والرياضية ويلعبون البلوت أو التيتو. كان الراحل بين حين وآخر يصطحبني إلى مكتبه الخاص بمنزله ويأخذ برأيي في مرض السكر الذي كان يعاني منه ويعرض علي نتائج تحاليله ثم يستمع لبعض نصائحي في أدويته رغم أنه يكبرني بعشرة أعوام، كان الصويغ صائغ الدواء أسس أول كلية للصيدلة في جامعة الملك سعود بالرياض أستاذا في الصيدلة تعلم على يده عشرات بل مئات الصيادلة بعضهم اليوم من أساتذة الصيدلة. ربما لا نستغرب أن يتخصص ابن تاجر أدوية في الصيدلة، ولكن أ. د. إبراهيم عبدالكريم الصويغ أول عميد لكلية الصيدلة بجامعة الملك سعود كان يتمنى دراسة القانون، لكن يبدو أن قدره كان مرتبطا دائما بالدواء فقد حمل أول مخزن أدوية في المدينةالمنورة اسمه، وتعرف على وكلاء الأدوية الكبار في جدة وهو في سن العشرين. برهوم كما أناديه لم يجذب صداقتي له فقط فقد جذبت ابنته صداقة ابنتي ينطبق عليها قول ذاك الشبل من ذاك الأسد. فكان الدكتور إبراهيم ينتقي الأصدقاء مثل ما تنتقي النحل الزهور فمن صفاته الشخصية كان مرحا يحب الفكاهة يكثر في رواية النكت المضحكة فيكون أحد الحضور منشغلا في همومه يستمع لضحكاته وقفشاته كل من في المجلس فتذهب عنه الهموم. ومن الصفات الحميدة التي وصى بها ديننا الحنيف هي الكرم. كان الدكتور إبراهيم كريما لضيوفه في مجلسه ينهيها بوجبة عشاء مليئة بكل كرم وضيافة وبكل ما لذ وطاب يقدمها لضيوفه بكل بهجة وفرح. فكان أبو زياد كريما مرحا شخصيته تجذب الصداقة فترك أصدقاء لا حصر لهم يتذكرونه بالكرم والمرح والسعادة. لقد اكتسب الخبرة في الدواء بالممارسة من والده (رحمه الله) فأصبح من خلال عمله مع والده في مخزن الأدوية الذي افتتحه باسم «مخزن إبراهيم» للأدوية، وكان هو الأول من نوعه في المدينةالمنورة، وكان يشاركه العمل فيه بعد المدرسة، وكان والده يشجعه على دراسة علوم الصيدلة. هكذا كان الصويغ صائغا للدواء منذ الصغر. كان أبو زياد وهو دون سن العشرين يرسله والده إلى جدة لتأمين احتياجات المخزن من الأدوية وغيرها من المستلزمات من وكلائها المهمين والشركة السعودية للتوريدات باناجه وكان يديرها الشيخ عبدالله أبو داوود (رحمه الله) ومازلت أذكر ما يتمتع به ذلك الإنسان من ابتسامة دائمة وحسن استقبال وتعامل. يرحم الله الصويغ صائغ الدواء..