لا تبعد محافظة رابغ كثيرا عن عروس البحر الأحمرجدة، إذ أن المسافة الفاصلة والتي تصل إلى 150 كم، ربما لا تعكس البعد الجغرافي، لكن هناك بعدا من نوع آخر يجعل رابغ تعيش في واقع يختلف كثيرا عن جدة، وإن كانت تقاسمها وصف العروس بصفتهما يشغلان نفس الحيز تقريبا على ساحل البحر الأحمر. تحتضن رابغ البحر وتعيش على جنباته، وتأكل من خيره، وتستقبل زواره خاصة من الحجاج العابرين لميقات الجحفة والقادمين من مصر والشام، لكن هذه المحافظة التي وجدت نفسها في تمدد جديد مع النهضة الصناعية، للأسف لا تتكىء على أرضية خصبة من الخدمات صحيح أن الشركات الكبرى والمؤسسات الضخمة احتلت مساحة من رابغ، كبداية لتحولها إلى بعد صناعي مثل الجبيل وينبع، إلا أن الأصح أن التغير الصناعي لم يحول حياة الأهالي، سوى لمزيد من الضغط على بنية لم يرتق بها أحد، ولم يراع تطورها أحد. وقفنا على واقع رابغ لنرى المزيد من المصانع، التي لم تنل من الطبيعة البكر للمحافظة، حيث لازالت تحتفظ بالكثير من المقومات السياحية والاستراتيجية، ومع ذلك لا يهتم أحد بتوفير المنفذ الجوي لها. يقول خالد العوفي: ننعم في محافظة رابغ بالكثير من الخدمات وموقعها المميز والذي يقصده آلاف من الزوار سواء حجاج الشام ومصر أو الزوار من مدن المملكة للتنزه والاستجمام نظرا لطبيعتها البحرية وكذلك البرية في عدد من مراكزها وقراها المنتشرة، ولكن للسكان الكثير من المطالب التي لم تتحقق خلال السنوات الماضية رغم الوعود من الجهات المعنية، ومنها افتقار رابغ للمطار، والذي من المتوقع في حالة إنشائه أن يخفف الزحام على مطار جدة الدولي، ويفتح المجال لتكون رابغ مدينة سياحية تنافس جدة في كل شيء فهي تشترك معها في الكثير من المعالم والأهمية. الواجهة البحرية ولأن رابغ عروس على البحر الأحمر، بدت الواجهة البحرية هي الأخرى محط الأنظار، وكان الاستغراب من غياب الاهتمام بها على شاكلة أي مدينة ساحلية. ويبدو أن هذه المطالبات هي الشغل الشاغل للمستثمرين في المنطقة، حيث أكد رجل الأعمال أحمد قايت عبدالمعطي اليوبي الحربي، أنهم طالبوا بفتح الاستثمارات على الواجهة البحرية أسوة بالمدن التي تقع على البحار، مشيرا إلى أنه رغم الجهود التي تبذلها بلدية رابغ إلا أن الأمل يحدونا كرجال أعمال ومستثمرين لفتح المجال للاستثمار على البحر من خلال إنشاء فنادق عالمية ومقاه وشاليهات ومطاعم مميزة، كما نطالب بإنشاء مدينة أبراج تتكون من 10 أدوار فما فوق وكذلك مدن ترفيهية للأطفال واستقطاب رؤوس الأموال الخارجية، وإنشاء هيئة تطويرية لمحافظة رابغ نظرا لأنها منطقة جذب سياحي واقتصادي، مضيفا: هذا ما لمسته من حديثي مع الكثير من السياح من داخل المملكة وخارجها. وباتت أنفاس رابغ مكتومة حسب تأكيدات محمد الحربي، وقال: للأسف أعمال الصيانة وتطوير كورنيش رابغ يسير بخطى متثاقلة، وهذا يؤثر على سياحة المحافظة، لذلك نأمل تسريع وتيرة العمل، وكذلك فتح المجال للاستثمارات الخارجية ودعوة رجال الأعمال للاستثمار على البحر من خلال إنشاء مدينة ألعاب للأطفال وكذلك مطاعم عالمية وجلسات عائلية تحترم خصوصية السكان والزوار وفتح المجال لإنشاء فنادق 5 نجوم وشاليهات. ورغم أن الحربي ينظر للمصانع الكبيرة في رابغ على أنها مقدمة لنهضة المحافظة وتطورها، لكنه يتخوف كثيرا من أبخرتها، والتي تتضاعف مع أبخرة المحرقة التي تنتشر منها روائح كريهة يوميا، ويرى الحل في زراعة أكبر عدد من الأشجار والحدائق حتى يصبح الجو متوازنا مع ما تصدره تلك المصانع من الدخان الذي تتسبب في أمراض كثيرة منها الربو وضيق التنفس. خوفا من الكارثة وينظر الكثير من أهالي رابغ لواقع المحافظة على أنها بعيدة جدا عن الجانب الخدماتي، مدللين على ذلك بتأخر مشاريع الصرف الصحي، حيث يرى خالد الرابغي أنه يجب دق ناقوس الخطر، حتى لا تتكر كارثة جدة مع السيول والأمطار بسبب غياب الصرف، وقال: أملنا أن تنعم رابغ بمثل هذه المشاريع التي تجنبها أخطار الأمطار وخصوصا أنها محافظة بحرية، وقد تتسبب الأمطار بكوارث لا سمح الله. وأشار إلى أنهم يطالبون أيضا بمتنزهات ومواقع للترفيه وممارسة الرياضة للعوائل والشباب، وللأسف لا يوجد في المحافظة سوى ناد واحد مخصص للشباب، كما نطالب بمرسى حديث للصيادين يليق بمكانة هذه المحافظة به كل مقومات العمل للصيادين وهواة صيد الأسماك. خارج الاتصالات ومع أن رابغ عرفت مهنة الصيد منذ سنوات طويلة، إلا أن الارتقاء بهذه المهنة لازال في بدايته حسب قول فهد العصلاني، مضيفا: توارثنا الصيد وهي مهنة الأجداد ومن أهم الروافد الاقتصادية لسكان المنطقة، ونأمل أن يتم إنشاء نقابة صيادين في ظل وجود صيادين يمارسون مهنة الصيد منذ القدم. ويشير إلى أهمية الاهتمام بالمراكز الصحية وخصوصا مستشفى رابغ العام، بما أنه مستشفى مركزي يخدم جميع القرى التابعة لرابغ، ولكنه يفتقد للنظافة بالشكل المطلوب وكذلك نقص الأدوية والمعدات الطبية فليس كل المواطنين لديهم إمكانات مادية للعلاج في مستشفيات خاصة، مضيفا: يشكل ضعف الاتصالات والإنترنت عائقا للسكان من خلال الانقطاع المتكرر للإنترنت والاتصالات خلال الذروة والأعياد. فروع نسائية للأحوال والبنوك اتفق عدد من نساء محافظة رابغ، على أهمية توفير فرع نسائي في الأحوال المدنية برابغ، فليس جميع النساء قادرات على الذهاب إلى فروع الأحوال النسائية بجدة. وقالت منى الكريثي: نحتاج إلى معاهد لغة إنجليزية ذات مستوى عال تخدم نساء وفتيات المنطقة. وأشارت شهد المطيري إلى أن هناك مواهب أدبية كثيرة لم تجد لها جهة معينة في رابغ تحتويها كالأندية الأدبية والثقافية ولا جمعية ثقافة وفنون تعتني وتهتم بالمرأة الأديبة سواء كانت شاعرة أو قاصة أو روائية كما هو الحال في بقية مدن ومحافظات المملكة. وطالبت ود سعدي بفتح أقسام عدة للطالبات للدراسة بكليات رابغ خصوصا الأقسام الأدبية منها والتي تتكدس فيها الطالبات بين قسمين فقط هما الإنجليزي والأعمال وحصر ميول الطالبات الدراسي بينها. وأبدت نوف عبدالله رغبتها في وجود فروع نسائية في كل فروع البنوك برابغ رفعا للحرج عن المرأة في تعاملاتها البنكية وفتح مجال في الوظائف البنكية لخريجات إدارة الأعمال برابغ. ادعموا «الانتصار» لحماية الشباب أوضح رئيس نادي الانتصار مطر بن محمد البلادي أن نادي الانتصار هو أحد الأندية للشباب في المنطقة بل الوحيد، لكنه يفتقر إلى الكثير من الخدمات ومنشآته متواضعة أسوة بأندية أخرى في مناطق أقل من محافظة رابغ. وقال لم نفقد الأمل في دعم رعاية الشباب، وعليهم النظر إلى شباب رابغ وإنشاء ناد لهم بمواصفات مميزة يحوي ملاعب كرة قدم لجميع الفئات وكذلك صالات ألعاب قوى ومسابح ومضمارا للجري ومكاتب إدارية، مبينا أن نادي الانتصار من الأندية التي تنافس في كثير من الألعاب على مستوى المملكة وخصوصا في السباحة وألعاب القوى، كما لدينا نجوم كرة قدم ينتظرهم مستقبل مشرق وسيصبحون إن شاء الله في الأندية الكبرى ورافدا من روافد المنتخبات السعودية حيث لدينا عروض لعدد من النجوم ولكنها لا ترتقي لمستواهم ونجوميتهم. 5 مراحل لتطوير الصناعية والواجهة قريبا أكد نائب رئيس بلدية محافظة رابغ الدكتور فهد الألفي أنهم يعملون حاليا على مشروع تحسين وتطوير الكورنيش والواجهة البحرية لرابغ كاملة، وجار الانتهاء من أعمال الردميات ودورات المياه والجدار الاستنادي وأعمال البلدورات، وجار العمل في المشروع على قدم وساق للانتهاء منه في الوقت المحدد له. أما عن افتقار رابغ للمجسمات الجمالية، أضاف الجهني: تم مؤخرا ترسية مشروع توريد وتركيب المجسمات الجمالية وهو الآن في المرحلة الأخيرة لتسليم المقاول، وهذه المجسمات روعي فيها خصوصية المنطقة وكذلك الجديد فقد تم اختيارها بعناية من قبل لجان مختلفة. وأشار إلى أن رابغ منطقة صناعية وتزخر بشركات ومصانع عملاقة، لذا تم اعتماد خمس مراحل للمنطقة الصناعية الجديدة، وجار تأجير مواقعها على كبار المستثمرين في ظل وجود المصانع الكبرى السابقة والشركات العملاقة والتي ستجعل من رابغ رافدا صناعيا هاما.