اللياقة البدنية داعم قوي للصحة بدنيا وعقليا، ولايكاد يخلو جهاز من أجهزة البدن من الاستفادة الجمة من ممارسة الرياضة، بل إنها تدخل في علاج الكثير من الأمراض والوقاية منها كأمراض القلب والرئتين والسكري وضغط الدم والسمنة وغيرها، بل إنها تقلل، بإذن الله، من الإصابة بالسرطان. ومع الأسف إننا لا نهتم بها، وحسب آخر مسح لوزارة الصحة عام 1434ه فقد بلغت نسبة قلة النشاط البدني لدينا 60.3% بينما متوسطها في العالم حوالى 21% ، وتصوروا أن أقل دول العالم ممارسة للنشاط بلغت هذه النسبة فيها 62.3% وبلغت نسبة الذين يستهلكون ساعتين فأكثر في الجلوس لدينا 89.1% ، وكما ذكر التقرير فهذه من مسببات الأمراض غير السارية ويوصى البالغون بقضاء 150 دقيقة في الأسبوع من المجهود المتوسط، ويمكن توزيع هذا المجهود بمعدل 30 دقيقة يوميا لمدة خمسة أيام في الأسبوع، ويستفيد الشخص حتى لو قسم الرياضة على فترتين أو 3 فترات يوميا كل منها 15 10 دقيقة. والمجهود المتوسط مثل المشي السريع ويمكن معرفته بالمجهود الذي تصل فيه دقات القلب إلى 50 70% من نبض القلب الأقصى. ويستطيع كل منا معرفة نبض الأقصى عنده بطرح عمره من رقم 220. ويوصي اتحاد السكري الأمريكي بمثل التوصية السابقة لمرض السكري، ويزيد عليها في أحدث توصياته بتشجيع جميع الأفراد، بما فيهم، مرض السكري على تخفيض أوقات السرعة والسكون، مع التركيز على قطع أوقات الجلوس الطويلة (التي تزيد على 90 دقيقة) بالحركة مثل المشي. قد يقول البعض إنه مشغول ولا يستطيع أن يقضي 30 دقيقة في الرياضة، وهذا نقول له: جزئها إلى 3 فترات وأدخل الرياضة في عملك ومختلف مناشطك، تستطيع إيقاف سيارتك بعيدا عن مكان عملك لتقطع 5 دقائق في الذهاب و 5 دقائق في الإياب، أو اذهب إلى المسجد على قدميك واذهب إلى المسجد الأبعد فتكون خطواتك أكثر وأجرك أعظم، أو استخدم السلالم بدلا من المصاعد إلى غير ذلك من البدائل. ولا تحول الإصابة بأمراض القلب أو الرئتين دون ممارسة الرياضة، ولكن بعد تقييم الطبيب لحالة المريض ووصف التدرج في المجهود وقبل ممارسة الرياضة يجب أن يختار المريض الحذاء المناسب ويجب على مريض السكري بالذات تفقد قدميه بشكل منتظم لاكتشاف أي التهابات أو جروح، والمبادرة لعلاجها قبل أن تستفحل إلى غرغرينا بسبب ضعف الإحساس في القدمين، كما أن عليه تفقد حذائه بيديه لاكتشاف أي جسم غريب ويقلبه ليسقط ما فيه، ولا تعجبوا من هذه التوصية فإن البروفيسور بولتون أشهر طبيب في العالم للقدم السكرية وجد في أحذية مرضى السكري أشياء غريبة لا علم لهم بها مثل «إزرار» حجر، وحتى مفتاح منزل أحد المرضى كان قد فقده. ننصح مريض السكري الذي يتلقى العلاج بالأنسولين أو مدراته من الأقراص بتحليل السكر قبل ممارسة الرياضة، وإذا كان السكر أقل من 100 ملجم/ دل (5.6 ملمول/ل) فينصح بتناول حبة فاكهة أو عصير قبل الرياضة خشية هبوط السكر، وإذا كان السكر أكبر من 300 ملجم/دل (16.7 ملمول/ ل) عند مريض النوع الأول فينصح بفحص الأسيتون في البول فإذا كان إيجابيا امتنع عن المجهود العنيف واتبع إرشادات الطبيب، أما إذا كان تحليل الأسيتون سلبيا والمريض يشعر أنه بحالة طبيعية فلا مانع من ممارسة الرياضة. ما هو أفضل وقت لممارسة الرياضة: إن أفضل وقت في الأيام العادية هو الذي يعينك على مداومة الرياضة آخذا في الاعتبار مكان الرياضة، وظروف ارتباطاتك ونوع النشاط، ولكن هناك أمرا آخر مهم وهو وجود أصدقاء يشجعونك على الرياضة معا. وقد أظهرت أبحاث حديثة أن الأشخاص الذين مارسوا الرياضة معا كانت استفادتهم أكثر من الذين قاموا بها فرادى. يدخل الأكل في تحديد وقت الرياضة، فالوجبات التي نتناولها عادة في إفطار رمضان غنية بالدهون واللحوم وتحتاج إلى 3 أو 4 ساعات لهضمها ويمكن أن تسبب مضايقة في المعدة خلال التمارين. كما أن تناول كمية كبيرة من الأكل يحتاج لوقت أطول للهضم. ويتحمل الأكل بشكل أفضل في الرياضة منخفضة المجهود أو التي يكون الجسم فيها مدعما مثل الدراجة الثابتة بعكس الجري مثلا بعد وجبة كبيرة فإن المعدة تتأرجح يمينا وشمالا بما فيها من طعام فتسبب مضايقة أكثر. وقد أظهرت أبحاث سابقة أن الجسم ينزع إلى حفظ الطاقة أثناء النهار في رمضان وخاصة في ما بعد الظهر، ولذلك لا ننصح بإجراء التمارين الرياضية بعد الظهر في رمضان ومرضى السكري الذين يعالجون بالإنسولين أو مدراته من الأقراص معرضون للإصابة بهبوط السكر إذا مارسوا الرياة دون رافد من الغذاء ولذلك لا ننصحهم بممارستها في نهار رمضان وخاصة ما بعد الظهر، كما لا ننصح مرضى السكري الذين يتلقون العلاج بالانسولين بممارسة الرياضة في ذروة فعاليته. ولعل أفضل وقت لممارسة الرياضة في رمضان لمرضى السكري وغيرهم هو بعد صلاة التراويح (3 4 ساعات بعد الأفطار) عندما يكون الهضم في نهايته والإنسولين ليس في فعاليته القصوى مع الحرص على الاعتدال في الاكل. أتمنى أن يتحسن ترتيبنا في المسح القادم للنشاط البدني على مستوى العالم..