سعدت اليوم بخبر صاروخ «الباتريوت» السعودي الذي دمر صاروخ «السكود» الحوثي الخبيث. فكرة جميلة أن يصعد صاروخنا حاملا رسالة «لا إله إلا الله» بسرعة هائلة، وبدقة مذهلة، «ليجيب خبر» الصاروخ الحوثي أثناء «لسلسته» السافرة في سماء الوطن. وترجمة «باتريوت» معناها «الوطني» أو بالأصح «العاشق للوطن». والموضوع يستحق وقفة تأمل. لنبدأ «بالمفعول به» أي بالصاروخ المسمى «سكود» وهو من التصميم الروسي وغالبا من الصناعة الروسية، ويعود تاريخه إلى ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية وتحديدا إلى بلدة صغيرة في أقصى شمال ألمانيا اسمها «بيناموندي» Peenemunde ومعناها بالألمانية «رأس النهر» لأنها مصب نهر «بين» في بحر البلطيق. وكانت هذه المدينة هي المقر الرئيس لتطوير سلاح الصواريخ الألمانية. وقد حرص هتلر على تطوير هذه الأسلحة المتطورة كإحدى الأسلحة النازية المؤثرة على مستقبل ألمانيا، وبالذات في نهاية الحرب عندما اشتد القصف الأمريكي والبريطاني الجوي على المدن الألمانية. وأطلق على الأسلحة الصاروخية اسم «فيرجل تونج شوافه» Vergeltungswaffe ومعناها سلاح الانتقام. وكانت تنحصر في تصميم صاروخين هما «في 1» V1 و «في 2» V2 . كان أولهما أقرب إلى الطائرة بدون طيار، وكان يطير في طبقات الجو المنخفضة وعلى سرعات تقل عن سرعة الصوت بحمولة متفجرات خفيفة نسبيا. وقد تكبدت مدن إنجلترا الأضرار الإنسانية والمادية والمعنوية بسبب استعماله ضدها ومنها قتل حوالى ستة آلاف من المدنيين. وأما الصاروخ الثاني «في2» فكان ضخما إذ يصل ارتفاعه إلى ما يعادل ارتفاع مبنى من أربعة أدوار. وأما وزنه فكان يصل إلى ما يعادل وزن ست سيارات «كامري». وكان يطير إلى الفضاء الخارجي بسرعة تصل إلى خمسة أمثال سرعة الصوت، لفترة بضعة دقائق قبل أن يهوي نحو الهدف. وهنا ضرورة الإشارة إلى مفهوم «الباليستية» فمعناها أن الصاروخ غير موجه للهدف توجيها محكما. كان يطير نحو الهدف ثم «ينزقل» بدون توجيه دقيق، وبالتالي فكانت دقته منخفضة. وعندما انتهت الحرب العالمية تسارعت أمريكاوروسيا نحو عاصمة صناعة الصواريخ الالمانية «بيناموندي» فحصل كل منهما على أحدث التقنيات ليضيفاها إلى تقنياتهما. وطور الاتحاد السوفيتي صاروخ الانتقام «2 V2» ليصبح أساس تطوير الصاروخ الشهير باسم «سكود» الذي تم تطويره وتحسين قدراته على مدى السنوات كما تم تصنيعه في بعض الدول خارج روسيا. وأما صاروخ الباتريوت الأمريكي الصنع فهو ينحدر من سلالة صواريخ «هوك» أرض - جو ، المضادة للطائرات التي كانت تملكها وتشغلها قوات الدفاع الجوي في وطننا منذ أكثر من ثلاثين سنة، وشهرتها «سام» وهي اختصار Surface to Air Missiles. وطول هذا الصاروخ يعادل تقريبا طول سيارة «لاند كروزر» وعرضه التقريبي يعادل عرض صفحتي الجريدة بين يديك الآن. ويعتبر «العاشق للوطن» أحدث الصواريخ لأنه يمثل منظومة متكاملة متنقلة تستطيع بمشيئة الله أن تقوم بالأربع مهام التالية: البحث.. والتعرف.. والتتبع.. ثم الهجوم المدمر للأهداف الطائرة سواء كانت طائرات أو صواريخ. وهذه الأربع مهام عادة لا تجتمع دفعة واحدة في منظومة صواريخ الدفاع الجوي. وهناك المزيد فمستوى الدقة في هذا النظام عال جدا ولا يعتمد على ضرب الهدف وإنما يكتفي بالاقتراب منه ثم الانفجار ليدمره بالكامل.. ويفعل هذا على سرعة عالية جدا تفوق ما يعادل طول حوالى 15 ملعب كرة قدم في الثانية الواحدة، علما بأنه يتسارع إلى سرعة الصوت خلال ثانية واحدة فقط من انطلاقه.. تسارعا وسرعات أغرب من الخيال. أمنية الحمد لله أن وطننا تحميه أفضل التقنيات، وأفضل السواعد، والقلوب المخلصة العاشقة للوطن بمعنى الكلمة. أتمنى أن نتذكر جميع هؤلاء الرجال بالخير، وندعو الله عز وجل أن يحميهم ويوفقهم. وهو من وراء القصد.