هل شعرت يوما بوجود مشاعر وعواطف مشتركة بينك وبين الآخرين؟ هل قلت يوما ما لأحدهم: يراودني نفس الإحساس في سياق توارد وتبادل الأفكار! ثمة أشياء تحدث من حولنا ولا ندرك ماهيتها فعليا وكيف حدثت، ومع ذلك نتأثر وقد نؤثر بها بوعي أو غير وعي. الكثير من المواضيع في علم النفس تحدثت عن ذلك، ولا سيما في مفهوم الشخصية وفهم سلوك الأفراد والجماعات وأثرها على السمات والخصائص البيولوجية للأشخاص وإدراكنا لعواطف ومشاعر الآخرين. العدوى العاطفية هي أحد المفاهيم الحديثة للعواطف، والتي تفترض وجود تبادل عاطفي بين شخصية وأخرى دون إدراك أي منهما للآخر، فهي تتميز بتلقائية الحدوث والعفوية بصورة أكبر والوعي والإدراك بها يكون أقل من ذلك. فالعدوى العاطفية هي عملية إشارات عاطفية يختزلها الدماغ ويستوعبها بشكل غير مدرك من الآخرين وتترجمها عقولنا، فنكتسب خصائصها في شخصياتنا لتظهر على عواطفنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا أمام الآخرين. يصف علماء النفس العدوى العاطفية بأنها سلوك تلقائي بدائي واعٍ ثم تتحول إلى سلوك غير واعٍ ينتقل بين الأشخاص، وقد تنتقل العدوى العاطفية بعدة صور، فعن طريق تعبيرات الوجه تارة، وعن طريق السلوكيات أو المظهر العام للشخص تارة أخرى، وليس بالضرورة أن تحدث العدوى العاطفية في المكان والزمان نفسه، فقد تنتقل عبر العالم الافتراضي كشبكات التواصل الاجتماعي والرسائل الشخصية الفورية، كما قامت فيسبوك مؤخرا بإجراء دراسة على عدد كبير من مستخدمي موقع فيسبوك؛ لدراسة مدى تأثير العدوى العاطفية بين الأصدقاء في فيسبوك عند عرض المواضيع الإيجابية والسلبية وتأثيرها على مزاج الأفراد وعواطفهم، وخلصت الدراسة إلى كونهم يتفاعلون عاطفيا ويتأثرون مزاجيا فيما بينهم. ولك أن تتصور، عزيزي القارئ، تأثير العدوى العاطفية في بيئة العمل، فالموظفون ذوو الرواتب المتدنية، والذين يشعرون بمستوى متدن من الرضا الوظيفي، وكثيرا ما يتذمرون من عملهم هم يشكلون تحديا هاما أمام الإدارة العليا، فهم بمشاعرهم يمررون دون وعي سلوكا سلبيا لأقرانهم في نفس المستوى الوظيفي، من شأنه أن يحدث انحرافا في سلوك الموظفين الآخرين. لذا، فإن وعي وفهم مشاعر وعواطف الآخرين وإدراكها بصورة صحيحة من الأهمية في مكان للحد من تأثيرات العدوى العاطفية السلبية، والتي قد تؤثر على السلوك الشخصي للفرد عند التعبير أو إظهار عواطفه، وهذا ما يعرف بالذكاء العاطفي (مركز الضبط للمشاعر والعواطف عند الإنسان)، وعندها من الممكن أن أقول لك عزيزي القارئ: انقل لي عواطفك كما تريد!. ماجد عبدالله المثنى القصيم