يجزم حارس مرمى يوفنتوس الايطالي الدولي جانلويجي بوفون انه اول من ينتقد نفسه وبصرامة شديدة، مؤكدا انه ليس على مشارف الاعتزال. «الحارس الدهري» ابن السابعة والثلاثين، الذي امضى 20 عاما في «معارج» الاحتراف، يتطلع لأن يتابع مسيرته «على الاقل حتى سن الاربعين»، ولا يخفي انه يفكر في مونديال 2018، مرددا «اكذب اذا نفيت ذلك، فهذا الطموح وسيلة لبذل قصاراي دائما». خاض بوفون 130 مباراة في مسابقة دوري ابطال اوروبا، وساهم اخيرا في تأهل السيدة العجوز الى المباراة النهائية، وفي حال عمر في الملاعب الى الاربعين وما فوق، فانه يطمح لان يحطم رقم اليساندرو دل بييرو الذي دافع عن الوان «يوفي» في 478 مباراة. ومناسبة الكلام عن «الصمود الطويل» في الملاعب مرده الى تذكر بوفون اخيرا ما قاله عنه النجم الالماني السابق «القيصر» باكنباور معلقا على ادائه في المباراة امام بايرن ميونيخ التي خسرها الفريق الايطالي بهدفين من دون رد في ذهاب ربع نهائي دوري الابطال قبل عامين، اذ وصفه ب«معتزل يعود الى الميدان». فأكد بوفون انه لم يمتعض من «هذه الملاحظة، وردي انني لا ازال جاهزا ومن بين الافضل». واضاف «تزيدني مثل هذه الملاحظات اصرارا وتضخ في عروقي عنادا ايجابيا، لاستثمر كل دقيقة بأفضل ما يكون، وان ابقى ممن يحسب لهم حساب». بعد هذه السنوات الطوال، تطورت نظرة بوفون الى المنافسات، لا سيما ان طريقة توظيفه للجهد المبذول اختلفت، مقرونة بقراءة للمساحة والملعب والتحركات والتمركز، من خلال رؤيته الثاقبة التي اضحت اكثر صفاء ووضوحا وشمولا. ويلفت بوفون الى ان مرد ذلك حالات تتكرر دائما، وفي كل مرة يجدر التعامل معها وفق الظروف السائدة والاكتساب منها. لذا، يحرص على استخلاص عبر مفيدة، ومنها انه لا يجدر باللاعب تقويم مسيرته الا بعد نهايتها، والا فهو معرض للسقوط. ويتعين على من ينشد الاستمرار في منافسات النخبة معايشة معادلة الجسم والذهن. جسم يجابه الارهاق وذهن يتدرب على تجاوز التكرار الممل. وفي حالة بوفون فان الذهن هو الاساس، فقد درج هذا اللاعب الفذ على خوض المباريات منذ سن السابعة، اي انه يواصل مسيرته منذ 30 عاما، ويعيش روتينا قاتلا ربما هو بطريقة غير مباشرة «عناء مرهق»، يتخطاه بتجديد اهدافه وطموحاته. فيردد دائما «فزت بكثير لكن لم افز بكل شيء»، ولعل خلو سجله الحافل من اللقب الاوروبي مثال ساطع على «هذا التجدد» راميا خلف ظهره «الخيبات والاخفاقات لانها تعقد الحياة» ومتطلعا الى المستقبل. ويعد «جيجي الوفي» صلة الوصل بين المراحل التي مر بها يوفنتوس منذ اكثر من عقد. فقد عاش معه نكسة الهبوط الى الدرجة الثانية عام 2006 بسبب فضيحة كالتشوبولي التي عصفت بالكرة الايطالية وربطت فريق «السيدة العجوز» بالتلاعب بنتائج المباريات، والتي كلفته حكما قضائيا بتجريده من لقبي 2005 و2006. خاض بوفون 147 مباراة دولية مع المنتخب الايطالي، وتوج معه بكأس العالم في المانيا عام 2006، فكان «كطفل مزهو لا تسعه الدنيا». وهو ينظر الى هذه المرحلة الطويلة مع «الازوري» من نافذة ما يقدمه، لذا «ليس المهم عدد المباريات الدولية التي خضتها، بل وجودي اساسيا منذ نحو 20 عاما. انا بدأت عام 1997 وهذا مدعاة للفخر طبعا». على مدى 10 اعوام، كان «جيجي» يعتبر الافضل في العالم، تصنيف انتقل الى الالماني مانويل نوير. لكن «الحارس الدهري» المتطلب يجد هذه النقلة منطقية، من منطلق «تعاقب الاجيال»، مضيفا «ما يسرني اني لا ازال في الصدارة على رغم سني المتقدمة، واحظى بهالة كبيرة من الاحترام. وطبعا هذا التقدير يزيد من مسؤوليتي ومما انا مطالب به بحكم موقعي ودوري، ويحفزني من دون شك». على مر السنوات عايش بوفون مدربين كثرا بعضهم كان يفضل عزل منطقة المرمى عن محاور اللعب. لكن الخطط اختلفت وتطورت وكذلك النظرة الى حارس المرمى ودوره المحوري، لا سيما مشاركته في التمرير، ويقول انه منذ بداياته في بارما «كنت جسورا وتمتعت بالجرأة وأخذ المبادرة، ورسخت دوري بسرعة البديهة وردة الفعل المناسبة، وهذه مزايا تعزز وضع اي فريق». ويعتبر بوفون فريق يوفنتوس «مجتهدا ومتطورا. وبرهنا ذلك من خلال بلوغنا نهائي دوري الابطال، واننا عدنا الى الصف الاول اوروبيا وعلى اعلى مستوى، والفوز على ريال مدريد تأكيد ميداني». ويجد بوفون في اللقاء النهائي المرتقب امام برشلونة في برلين، فرصة مهمة لمتابعة احلامه التي يسعى دائما الى تحقيها، انه متفائل دائما، وقال «عدنا بعد غياب 12 عاما خسرنا النهائي اما ميلان 2-3 بركلات الترجيح عام 2003». ويتابع بوفون «لقب دوري الابطال ينقصني وافكر به كثيرا، ولا اظن انني سأكون متفاجئا اذا حملت الكأس قبل اعتزالي، الاجتهاد يقابل بالمكافأة، لذا اؤمن دائما بإمكان تحقيق الفوز». ويكشف بوفون انه فضل دائما البقاء في ايطاليا لانه كان مقتنعا دائما «انها تضم الدوري الاصعب والاجمل، المستوى تراجع من دون شك في السنوات الاخيرة لكنها دورة الحياة، وقد عاشتها دوريات كبرى اخرى في اوروبا». ويضيف «كما ان اصراري على البقاء نابع من داخلي، فانا عاطفي لا استطيع المغادرة خصوصا انني لم العب الا في بارما (10 سنوات) ويوفنتوس (منذ 15 سنة). عندما تربطك بقوة امور كثيرة في ناد ومدينة لا تجد ما يدفعك الى المغادرة». لكنه يعترف انه ربما اسف لعدم انتقاله يوما الى الدوري الانكليزي «لألمس ذلك الشعور واجواء التفاعل مع الجمهور في مدرجات لصيقة بالملعب، واعيش منافسة خاصة ومثيرة».