أعلن أمامكم، بصفتي مواطنا سعوديا، أن في رقبتي حق تقدير وطني مستحقا للبطل عبدالجليل الأربش الذي افتدى بروحه جموع المصلين في مسجد الإمام الحسين بحي العنود بالدمام. مثله يستحق (تحايا) وليس تحية واحدة من كل السعوديين الذين راعهم جميعا جرأة الإرهاب على مساجدهم والمصلين فيها. وكان فخرهم أن يكون أحد أبنائهم مضحيا بنفسه من أجل سلامة أهله ومجتمعه. الأمريكيون الذين درسوا عبدالجليل في جامعة وتيشتا بولاية كنساس لم يغب عنهم هذا الفخر بطالبهم الرائع والمجد، الذي وصفوه بأنه طالب مبتسم ومبادر لفعل الخير والأعمال التطوعية التي تدخل الفرح بالذات على قلوب المسنين والفقراء. زملاؤه من الطلاب في البعثة السعودية هناك تذكروا بحزن بالغ زميلهم الذي استعادوا ذكرياتهم معه وابتسامته الدائمة وتواصله مع أهله وأصدقائه، أيا كانت الظروف، سواء ظروف الدراسة أو ظروف ومشاغل الحياة. أي أن الرجل الشاب كان من فئة المتفائلين البنائين الذين يمارسون الحياة الصالحة المنتجة وليس تلك الحياة الفاسدة الهدامة التي مارسها قاتله المزنر بحزامه الناسف. ولذلك كان من السهل علينا أن نعرف لماذا فعل ما فعل. إنها إرادة الحياة السوية التي كما يريدها لنفسه يريدها لغيره من الناس الذين لم يجد لهم الإرهاب ذنبا ليقتلهم سوى أنهم يصلون. لذلك أصر، كما ذكرت من قبل، على أن من أبنائنا وشبابنا من يبعثون على الفخر والأمل بأننا دائما سنكون أفضل مما نحن فيه. وإذا كان ولدنا عبدالجليل هو النموذج (الأزهى) والأكبر فإن هناك شبابا وبنات لا يقلون عن عظمة نفسه وجمال روحه. وقد رأيناهم في وسائل الإعلام كلها، وفي وسائل التواصل الاجتماعي بالذات، يسجلون مواقف وطنية مشرفة ضد الإرهاب وضد الطائفيين الذين يحاولون جر بلادهم إلى منزلقات الفتن وأتون التقاتل، كما حدث في مجتمعات مجاورة استسلمت لمؤامرات المتربصين وأهدافهم في تفجير أمانهم واستقرارهم. نحن الآن أمام استحقاق وطني كبير يتحمل كل مواطن فيه مسؤولية الحفاظ على أمن الوطن والناس. وها نحن رأينا عبدالجليل الأربش يسجل سبقا هائلا في تحمل هذه المسؤولية الجسيمة ليكون قدوة لكل الشباب الذين يمنعون الهدم ويقوضون مسالك الإرهاب الغاشم ويفشلون خطط أعدائنا الذين لن يتوقفوا عن محاربتنا إلا إذا يئسوا من تفتيتنا. رحم الله ثلاثتنا الذين قضوا في سبيل بقاء وأمان حياتنا: عبدالجليل ومحمد الأربش ومحمد بن عيسى، وأحسن الله عزاءنا كلنا باعتبارنا أهلا لهم نشعر بالحزن الشديد لفقدهم كما نشعر بالفخر الكبير لتضحيتهم، كما شعرنا مرارا بالفخر لتضحية جنودنا في مواقع الذب عن حياض وطننا.