يكون النظام الإداري في أسوأ حالاته عندما لا يستطيع أحد محاسبة أحد، وبالتالي يمكن للمدير العام أو مدير الإدارة أن يظل متفرجا على أخطاء مرؤوسيه وتواضع أدائهم، وهو غير قادر على وقفه أو ضبط العمل، وهنا يتحول النظام إلى فضاء واسع للانفلات الوظيفي وممارسة كل التجاوزات والأخطاء تحت غطاء النظام ذاته، وعندها تصبح هذه الممارسات بمختلف تجلياتها ومسمياتها جزءا لا يتجزأ من فقه العمل الاجتماعي، وبذلك تولد أول بذور الفساد وتهيئة التربة المناسبة لنموه وانتشاره. الكل يعرف بأن من فوقه لا يستطيع محاسبته أو حتى توبيخه، وأن من تحته خارج عن صلاحياته، وبالتالي تصاب المؤسسة الإدارية بالشلل التام، وهنا يفتقد المدير الحماس لدفع عجلة العمل ويتحول قسرا إلى مدير (تصريف أعمال) وفق السقف المتاح للثواب والعقاب. كانت الأنظمة في بداية مضمار التنمية أكثر حزما، ورجال الإدارة الحكوميون أكثر صرامة وديناميكيه وانتشارا قبل أن تفسد النفوس وتصبح الوظيفة غنيمة وليست خدمة وطنية. والمؤسف أن هذه القضية رغم أهميتها والتي ترتبط بكل مفاصل التنمية قضية مسكوت عليها، ولا أعرف ما هو السر بذلك.. ومن يخدم مثل هذا السكوت؟ أي ٫ مواطن يتعامل اليوم مع أجهزة الخدمات الحكومية يصاب بالصدمة والهلع جراء ما وصلت إليه بعض هذه الكوادر من تسيب وفساد واستهتار تام بمقدرات العمل. [email protected]