أظن أن الرجل البخيل السيئ النية هو أشبه ما يكون (بالغراب) الذي هو أحذر وأخوف الطيور على نفسه، مع أنه أبعدها عن مطامع الصيادين. وعلى ذكر الغراب، لا أذكر في حياتي أنني حاولت أو حتى فكرت أن أصطاد غرابا ناهيك عن أن أأكله، ومع ذلك لا أذكر يوما أنني مررت بغراب إلا وطار من مجرد مشاهدتي على البعد وهو يرمقني بعين عدوانية وينعق بوجهي وكأنه يوجه لي أقذع الشتائم السوقية الرخيصة، ويبدو أن الملعون كاشف سريرتي غير (السوية). *** أعتقد أن (التثاؤب) ما هو إلا صرخة حائرة.. غير أنني متأكد أن هذه الحركة اللا شعورية هي معدية، وقد توضح لي ذلك عمليا ووثائقيا انني عندما كنت جالسا في يوم من الأيام مع رهط من الناس تحت بيت من الشعر في الصحراء، وكان هناك كلب (سلوقي) ليس بعيدا عنا في الخارج منبطحا في الظل بأمان الله باسطا ذراعيه، وفجأة تثاءب السلوقي تثاؤبة طويلة، فسرت يا سبحان الله العدوى بيننا سريعا وكأن هناك سلكا كهربائيا موصولا بيننا وبينه، وكنت أنا ثالث ثلاثة ممن أصابتهم العدوى. ولا أدري إلى الآن هل ذلك السلوقي حاله كحالنا، وأصابه ما أصابنا من الإحباط، لهذا تثاءبنا جميعا دفعة واحدة كنوع من التعبير والاحتجاج ؟! - الله أعلم -، عندها كبر ذلك السلوقي بعيني، وعندما خرجت مودعا تعمدت أن أشد على يده تقديرا له واحتراما، وعندما استغرب البعض من تصرفي الحيواني ذلك، قلت لهم: (كلنا في الهوا سوا) مع طويل الذيل هذا يا طوال الشوارب. *** قال لي: إن المصيبة تأتي على ظهر جواد، وتذهب مشيا على الأقدام. قلت له: لا وأنت الصادق، فالمصيبة هذه الأيام تأتي على ظهر صاروخ، وتذهب حبوا على البطن، انظر يا صاحبي حواليك وتمعن جيدا، وستعرف بعدها كم أنا صادق ولا أقول متشائم. *** الكثير من الناس عندما يبتهلون إلى الله، يطلبون عادة أن لا يكون مجموع: 2 + 2 = 4 ، بعضهم يطلبون أن يكون مجموع 2 + 2 = 22 ولكي لا أكذب عليكم ما أكثر ما طلبت أنا أن يكون المجموع هو (222)، والمأساة هي أن ربي لم يحقق لي ولا مطلب واحد مما طلبت. *** يزعم (الجهابذة) أن الإنسان هو ذكاء تخدمه أعضاء. أما عن أخيكم اليتيم، فالأعضاء – (ويا عيني عليها) – فليس لها إطلاقا أي عقل في حياتي، وما أكثر ما ضربت على يدها لكي أكبح جماحها، وما أكثر ما ردت علي وهي تتأوه قائلة: (أي ، أي). *** قال أحد الحكماء: لم أستطع المكوث في انتظار النجاح، لذا تابعت انطلاقي دونه. بالنسبة لي: الحمد لله ودون أي نجاح، كم أنا مرتاح حتى لو كنت خفيف العقل كريشة في مهب رياح غبراء متقلبة في كل الاتجاهات. عزائي أو المكسب الوحيد في حياتي: أن هناك عينا جميلة ترصدني أينما أشملت وأجنبت، وأينما شرقت وغربت.