في كل يوم، يؤكد الإرهاب والإرهابيون أنهم خطر يتهدد هذا الوطن واستقراره وأمن أهله ووحدة نسيج مجتمعه، وجريمة الأمس في مسجد الإمام علي بن أبي طالب في بلدة القديح التي راح ضحيتها مواطنون أبرياء دليل صاطع على هذا الخطر. وكانت المملكة قد حذرت في وقت مبكر من هذا الخطر ونتائجه وما يجره على الأوطان من كوارث لن ينجو منها أحد، وطالبت دول المنطقة والعالم بالعمل المشترك للوقوف في وجه الإرهاب وإزالة كل أسبابه وتجفيف منابعه وحرمانه الاستفادة من اختلاف وجهات النظر في الكثير من القضايا والتناقضات التي يغذيها البعض ويشعل بها نيران الفرقة، لكن للأسف لم تعط هذه الدعوة الصادقة المستشرفة للمستقبل ما تستحقه من اهتمام وعناية، وظن الكثيرون أن الإرهاب وخطره بعيد عن دولهم ومجتمعاتهم ومصالحهم وتغافل البعض عن هذا الخطر؛ لأنه رأى فيه أدوات ووسائل تضعف الخصوم في التنافس السياسي ونشاطا يشغل الآخرين عن مشاريعه التي يريد منها التمدد وزيادة النفوذ. اليوم، بات من الواضح أن الإرهاب يشكل خطرا على الجميع، ولا يستثني أحدا، ويدفع بالمنطقة وأمنها إلى المجهول، فهو يبث السموم بزرع الشكوك بين أفراد المجتمعات ويثير النعرات ويحيي الأحقاد بين طوائفها. وللأسف، فإن السياسة الطائفية التي تغذيها بعض دول الإقليم وفرت الحقل الذي يزرع فيه الأرهابيون بذورهم القاتلة وخلقت البيئة الحاضنة لاستدراج المغرر بهم؛ ليكونوا وقود هذه النار التي لا تبقي ولا تذر.. الإرهاب يستدرج عقولا صغيرة ومشاعر متقدة بحجة صد الاعتداء عن الطائفة، وهو في الواقع يريد تنفيذ مخططاته المعادية لكل الوطن وأهله. وإذا كانت الأجهزة الأمنية، في بلادنا، قد حققت وتحقق النجاحات المتوالية ضد الإرهاب بخلاياه النشطة والخامدة وتوجه لهم الضربات الاستباقية الموجعة، فإن هذه الجهود الكبيرة تزيد فعالياتها بالدعم الشعبي حين ينهض كل منا بواجبه في الموقع الذي يتولاه. وإذا كان هناك من يظن أنه بمعزل عن خطر الإرهاب، فهو واهم ويعرض أمن بلاده للخطر ويتجاهل حقائق ماثلة للعيان.. الإرهابيون يشكلون خطرا على الجميع، بغض النظر عن اللافتات التي يرفعونها أو الشعارات التي يروجون لها، وعلى الجميع أن يدركوا هذه الحقيقة ويقفوا صفا واحدا في وجه هذا الخطر؛ حماية لأمن الوطن وصونا لاستقراره وحماية لكرامة أهله ومكتسباتهم.