لا أحد يستطيع أن ينكر أو يتجاهل أن الفترة الراهنة في تاريخ المملكة هي فارقة واستثنائية بكافة الصور، فنحن نعيش في ظل إمام عادل وحازم قيضه الله لنا وللمسلمين نصرة لدينه وكتابه وعباده المستضعفين وإحقاقا للعدل وردعا للظالمين والمفسدين. صندوق إبراء الذمة الذي خصصته الدولة لمن يريد أن يودع فيه طواعية ما أخذه بغير وجه حق من أموال الوطن أو لتقصيره في أداء ما وكل إليه من مهام، جمع 237 مليون ريال فقط من عام 2006 إلى فبراير 2013م حسب البنك السعودي للتسليف والادخار المسؤول عنه بإجمالي عمليات إيداع 24.792 ألف عملية تقريبا. قمت بحسبة بسيطة قسمت من خلالها إجمالي ما أودع خلال تلك الفترة على عدد عمليات الإيداع فوجدت أن متوسط ما أودع في كل عملية مبلغ زهيد قدره تسعة آلاف و500 ريال تقريبا!! أنا أتساءل هل نحتاج هذا الصندوق الآن في عصر الحزم الذي شهد فيه القاصي والداني بقوة اتخاذ القرارات وشفافيتها وسرعتها بما يلبي المصلحة الوطنية ورضا المواطنين. إذن الدولة الكريمة أعطت من أذنب في حق نفسه وفي حق الوطن خلال تسعة أعوام تقريبا هي عمر الصندوق، الفرصة أن يكفر عن سيئاته ثم نشاهد أن حجم ما أودع في هذا الصندوق لا يتناسب أبدا مع حجم الإنفاق العالي على المشاريع والخدمات لدينا ولا على النسبة العالمية للفساد المالي الحكومي للدول حسب إحصائية الشفافية الدولية التي تبنى على الصرف والدخل الوطني وعوامل أخرى، ثم نعرف أن متوسط ما أودع هو تسعة آلاف ريال، وأن أعلى مبلغ تم إيداعه هو خمسة ملايين فقط إنه لشيء يدعو للدهشة والاستغراب!! في رأيي المتواضع أن حساب إبراء الذمة هذا لم يستفد منه الوطن كما هو مأمول، والواقع يحتم أن تقوم الجهات الرقابية كديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق وهيئة مكافحة الفساد بمضاعفة وتكثيف جهودها لتقديم من تربح من الوظيفة الحكومية ومن الأموال العامة إلى العدالة وإعمال من أين لك هذا، ولا يكتفى فقط بطلب إعفاء المتهمين (كما نشر مؤخرا بإحدى الصحف) إن كانوا على رأس الوظيفة الحكومية بل يحاسبون ويرجعون ما أخذوا إلى خزينة الدولة، فهكذا يتحقق العدل ويردع المعتدي والآثم.. [email protected]