نوه رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبدالله النسور، بمستوى التنسيق وتبادل المعلومات الأمنية بين الأردن والمملكة، مؤكدا أنه أدى إلى تحسن كبير فيما يتعلق بحماية الحدود ومحاربة الإرهابيين والمهربين. وقال النسور في حوار ل «عكاظ»: تجمعنا بالمملكة علاقات ووشائج طيبة ومتجذرة في شتى المجالات، تصل إلى حد التطابق في الآراء والمواقف حول معظم القضايا، ونعمل وفق الرؤية الحكيمة لقيادتي البلدين. وأضاف أن الأحداث المؤسفة في المنطقة دفعتنا إلى بذل الجهود لتمتين جبهتنا الداخلية وحماية مصالحنا الوطنية، وتحصين حدودنا ضد أية مخاطر خارجية. مؤكدا على أن الأردن مستمر في مسيرة الإصلاح الشامل، ومشددا على أنه لا تراجع عن مسيرة الإصلاح باعتبارها الضمانة لمستقبل الوطن وأبنائه.. وهنا نص الحوار: ● تواجه المنطقة حالة من عدم الاستقرار السياسي والتداعيات التي فرضتها الأزمة السورية.. ما خططكم لمواجهة تلك التحديات؟ ●● منذ أن بدأت الأحداث المؤسفة من حولنا، سعينا جاهدين إلى توفير أسباب المنعة والاستقرار، وبذلنا الجهود في سبيل تمتين جبهتنا الداخلية، وحماية مصالحنا الوطنية، وإدامة الجاهزية، وتحصين حدودنا ضد أية مخاطر خارجية، خصوصا الحدود الشرقية التي تربطنا مع العراق، والشمالية التي تجمعنا بسوريا. وبالتزامن مع ذلك لم ينسلخ الأردن عن قضايا أشقائه وأبناء أمته، فكان قرار الانضمام إلى التحالف العربي بقيادة المملكة لإعادة الشرعية والأمن والاستقرار في اليمن، وكذلك كان قرار الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب منسجما مع مصالحنا الوطنية والقومية، ومعه استمرت الجهود الأردنية في محاولات البحث عن حلول ناجعة، تفضي إلى وقف نزيف الدماء، وإيجاد حلول سياسية للقضايا العالقة. كما استمر الأردن في مسيرته الإصلاحية الداخلية، وما زالت مؤسسات الدولة تعمل على إنجاز الإصلاحات المطلوبة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي جهود من شأنها أن تسهم في تمتين الجبهة الداخلية، والحفاظ على مقدراتنا الوطنية في ظل الظروف الإقليمية المحيطة. ندعم الحل السياسي ● عاصفة الحزم وإعادة الأمل التي تقودها المملكة حاليا.. كيف ترونها؟ وما جهود الأردن في هذه العاصفة؟ ●● منذ البداية، أعلن الأردن مشاركته في «عاصفة الحزم»، كجزء من التحالف العربي، لاستعادة الشرعية في اليمن، وحماية مصالح اليمنيين والعرب من خطر تمدد الجماعات والميليشيات المسلحة، التي تسعى إلى السيطرة على مرافق حيوية، بشكل يهدد مستقبل المنطقة السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وبالتزامن مع ذلك، فإن الأردن يدعم الحل السياسي في اليمن، من خلال عودة جميع الأطراف إلى طاولة الحوار، والتوصل إلى اتفاق يحفظ وحدة اليمن ومصالح أبنائه. تنسيق أمني لحماية الحدود ● وماذا عن التنسيق الأمني بين المملكة والأردن لحماية الحدود من تسلل الإرهابيين ومهربي المخدرات؟ ●● التنسيق الأمني مستمر تاريخيا بين الأردن والسعودية، من أجل حماية الحدود بين البلدين البالغ طولها نحو (750 كم)، ومكافحة المخدرات، ومنع المتسللين والمجرمين من ممارسة أنشطتهم الجرمية. وخلال السنوات الأخيرة، تم رفع درجة التنسيق وتبادل المعلومات وأوجه الحماية بين الأجهزة المعنية في كلا البلدين، وهو ما أدى لتحسن كبير على مستوى حماية الحدود ومحاربة هذه الآفات. ● كيف تتعاملون مع أزمة اللاجئين السوريين، في ضوء الأعداد المتزايدة ؟ ●● مشكلة اللاجئين السوريين في الأردن تحتاج إلى اهتمام خاص، نظرا لارتفاع الأعداد إلى نحو مليون ونصف مليون لاجئ، نصفهم جاءوا بعد اندلاع الحرب، ونصفهم تواجدوا قبل ذلك. كل هذا مع عدم وجود بوادر آنية لحل الأزمة بما يدفع السوريين للعودة إلى بلادهم. ويشرف على قضايا اللجوء السوري في الأردن مجلس عال برئاسة رئيس الوزراء، يضم جميع الأجهزة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والصحية. كما قامت الحكومة باستحداث إدارة خاصة لشؤون اللاجئين السوريين تتبع وزارة الداخلية، في إطار السعي إلى تنظيم وجودهم على أرض الأردن، وتسهيل الوصول إليهم وترتيب أوضاعهم. ونحن نعمل على تقييم عملنا في هذا الملف بصورة دورية، وإجراء اللازم حياله. ● وما مدى تأثير هذه الأزمة على الأمن في الأردن؟ ●● حركة اللجوء السوري لها أبعاد سلبية كبيرة على نتيجة الضغط الهائل الذي تشكله على الموارد والخدمات، الأمر الذي أدى إلى إرهاق موازنة الدولة وزاد من حجم الأعباء الاقتصادية التي تعانيها. ونأمل أن يساهم المجتمع الدولي بمساعدة الأردن على تحمل هذه الأعباء، خصوصا أننا نتحمل التبعات الاقتصادية والأمنية لوجود اللاجئين السوريين نيابة عن العالم أجمع. وقد تفاقمت هذه الأعباء مع انخفاض حجم المساعدات الواردة إلى الأردن، بحيث لم تعد تتناسب مطلقا مع مستوى تدفق اللاجئين. ومن هنا فإننا ندعو المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى ضرورة بذل جهود إضافية لإعانة الأردن على تحمل أعباء اللاجئين السوريين. ● وقعتم مؤخرا 5 اتفاقيات تمويلية بقيمة 176 مليون دولار بمساهمة سعودية، فما الهدف من تلك الاتفاقيات، وكيف ترون ذلك الدعم؟ ●● يأتي توقيع هذه الاتفاقيات في إطار مساهمة والتزام المملكة، بتقديم حصتها من المنحة الخليجية إلى الأردن، والتي تصل إلى 1.25 مليار دولار مخصصة لتمويل مشروعات تنموية ذات أولوية. وقد تقدمت الحكومة الأردنية إلى المملكة بقوائم مشروعات تنموية في قطاعات مختلفة في البنية التحتية والمجالات الإنسانية، من تربية وتعليم وطب وهندسة وطرق. ● ثمة من يرون أن الاتفاقيات التمويلية نوع من الهدر، كيف ترون ذلك؟ ●● التمويل يذهب مباشرة لخدمة مشروعات تنموية واضحة وموثقة، ويتم توقيع الاتفاقيات بعد دراسة واعية وجادة لهذه المشروعات، والموافقة عليها من قبل الدول المانحة. أما الاستثمار، فنحن في الأردن نقدم التسهيلات اللازمة للأشقاء، ونوفر جميع المتطلبات اللازمة لإنجاح الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وقد قمنا قبل بضعة أشهر بتعديل جميع التشريعات اللازمة لتسهيل عملية الاستثمار. ● وقعت شركة الكهرباء الأردنية اتفاقية لاسيتراد الغاز مع شركة «نوبل إنيرجي» الأمريكية صاحبة امتياز الغاز في إسرائيل لمدة 15 عاما، ما أثار ردود فعل شعبية ونيابية رافضة لاستيراد الغاز الإسرائيلي.. ما ردكم على ذلك؟ ●● نحن نواجه أزمة حقيقية في قضية استيراد الغاز اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية، ولا يوجد لدينا بدائل كافية بعد تفجير خط الغاز المصري لعشرات المرات، وانخفاض مستوى الكميات المتدفقة إلينا، والخسائر التي تكبدتها خزينة الدولة بسبب ذلك. وبالتالي أصبح مطلوبا أن نجد بدائل ذات جدوى اقتصادية توقف تواصل الخسائر، وتعين الاقتصاد الوطني على استعادة عافيته. وقد درسنا جميع البدائل الممكنة، ولم نجد أمامنا أي خيار مجد سوى استيراد الغاز من الشركة الأمريكية «نوبل إنيرجي»، لأن استيراده من أي دولة أخرى سيكلفنا ثلاثة أضعاف الكلفة التي تحصلنا عليها من هذه الشركة. حماية أرواح المسافرين ● مشروع طريق الزرقاء - الأزرق - الحدود السعودية - الأردنية (العمري) بمنحة من المملكة وبقيمة 128.5 مليون دولار.. هل يمكن أن نتعرف على أهمية المشروع، ومتى يتم الانتهاء منه؟ ●● هذا المشروع يهدف إلى حماية أرواح المسافرين وجلهم من الأردنيين، والسعوديين والخليجيين؛ بسبب كثرة الحوادث القاتلة. وقد بدأ تنفيذه منتصف العام الماضي، من قبل ائتلاف مقاولين سعوديين وأردنيين، بمنحة كريمة ومقدرة من الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ويتضمن المشروع إنشاء أربعة مسارب للطريق، بطول 110 كيلو مترات، لتحسين مستوى السلامة المرورية، ولأهميته في حركة شحن البضائع والترانزيت وحركة الركاب والمسافرين بين السعودية ودول الخليج والأردن، ومنها إلى دول الجوار. ومدة العطاء 30 شهرا، مضى منها حتى الآن حوالي 12 شهرا. ● كيف تقيمون علاقاتكم مع مجلس التعاون الخليجي؟ ●● التعاون والتنسيق بين الأردن ومجلس التعاون الخليجي يتم على أكمل وجه، خصوصا فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية من حولنا، ونحن نقدر الدعم الكبير والاهتمام المقدر الذي يوليه مجلس التعاون الخليجي للأردن، والذي تجسد عبر المنحة الخليجية. والأردن حريص على أن تكون العلاقة مع دول المجلس جميعا علاقة حميمة، تسعى إلى تحقيق المصالح المشتركة، والعمل من أجل قضايانا العربية والإسلامية، ونحن نسعى إلى تطوير هذه العلاقة بمختلف أشكالها، نيل الأردن عضوية الاتحاد ييعتبر إنجازا تاريخيا لجميع الأطراف. مستمرون في الإصلاح الشامل ● ما مدى تأثر الأردن بأحداث الربيع العربي، وما توقعاتكم لقادم الأيام؟ ●● لا شك أن الأوضاع التي آلت إليها أحداث الربيع العربي زادت من حجم التحديات السياسية والأمنية على جميع دول المنطقة، ومن ضمنها الأردن، خصوصا في ظل معاناة بعض دول الجوار من تمدد الجماعات الإرهابية، وسيطرتها على بعض المناطق الحيوية. وهذا يحتم على الأردن بذل المزيد من الجهود السياسية والأمنية لضمان أمنه واستقراره، بالتزامن مع سعيه لحل الأزمات المجاورة. لكننا على الصعيد الداخلي مستمرون بمسيرة الإصلاح الشامل، وبالسير ضمن الخطط الإصلاحية التي تم إعدادها، فلا تراجع عن مسيرة الإصلاح التي يقودها الملك عبدالله الثاني؛ لأنها الضمانة لمستقبل الوطن وأبنائه. الوضع على الحدود ● كيف ترون الوضع على الحدود مع دول الجوار خاصة سورياوالعراق؟ ●● بحمد الله، حدودنا آمنة، وقد اتخذنا خلال الفترة الماضية جميع التدابير اللازمة لحمايتها والحفاظ على أمن الوطن، ورفعنا درجة جاهزية نشامى جيشنا العربي الأردني، تحسبا لأي طارئ، وقد أحبطت أجهزتنا الأمنية العديد من محاولات اختراق الحدود، بغرض تهريب السلاح والمخدرات أو الدخول غير المشروع، ونؤكد أن أي محاولة في هذا الإطار سيكون الرد عليها حازما وقويا. ● ما رؤيتكم نحو محاولات البعض تصدير الأزمات إلى الأردن؟ ●● أود التأكيد على أن الحكومة لا تحابي أي طيف سياسي على آخر، وجميع القوى السياسية على الساحة المحلية مرحب بعملها طالما أنها ملتزمة بالقوانين والتشريعات الأردنية، التي هي الفيصل في تحديد الممارسات والأنشطة المشروعة على الساحة الوطنية، وبما لا يسمح بتدخل الأحزاب في شؤون الدول الشقيقة، وأي محاولات لتصدير الأزمات الخارجية إلى الأردن هو أمر مرفوض، ومرفوض أيضا إقلاق العلاقات مع الدول الشقيقة، وسيتم التعامل مع ذلك وفق القانون. ● ما أولويات الأردن في المرحلة الحالية؟ ●● التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية جميعها أولويات بالنسبة إلى الأردن، فنحن حريصون على أمننا واستقرارنا، ومنع محاولات تصدير الأزمات الإقليمية إلينا، وبنفس الوقت حريصون على تصويب أوضاعنا الاقتصادية، ضمن خطة وطنية مدروسة، ونحرص كذلك على توفير أفضل الظروف الإنسانية للأشقاء الذين احتضنتهم الأرض الأردنية. ● ما رؤيتكم لعلاقات التعاون مع المملكة؟ ●● تجمعنا بالمملكة علاقات ووشائج طيبة ومتجذرة في شتى المجالات، تصل إلى حد التطابق في الآراء والمواقف حول معظم القضايا ذات الاهتمام المشترك، ونحن نعمل وفق الرؤية الحكيمة لقيادتي البلدين، وهناك تعاون مشترك ومتقدم في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتعليمية وغيرها، ونسعى دائما إلى تطوير هذا التعاون ليكون منسجما مع العلاقة الحميمة التي تربط قيادتينا وشعبينا الشقيقين. ● ما وضع السجناء السعوديين في الأردن؟ ●● السجناء السعوديون في الأردن يقضون مدة محكوميتهم بحسب الوقائع الجرمية التي ارتكبوها، والظروف التي يقضون فيها هذه المدة تنسجم مع مبادئ ومعايير حقوق الإنسان، ولا تمييز بينهم وبين غيرهم من السجناء، والمسؤولون الأردنيون والسعوديون يدرسون أوضاع السجناء الأردنيين والسعوديين بشكل دائم، وفقا لاتفاق تبادل السجناء الموقع بين البلدين الشقيقين، ويتخذون القرارات اللازمة بشأنها. ممارسات فردية ● وماذا عن حالات الاعتداء على السعوديين وممتلكاتهم في الأردن؟ ●● الأشقاء السعوديون في وطنهم الثاني الأردن يحظون بالاحترام والتقدير، فهم بين أهلهم وأشقائهم، ونحن نوفر لهم ولجميع الأشقاء العرب الظروف الملائمة ليعيشوا بطمأنينة وسلام. وإن كانت هناك بعض الممارسات قد وقعت فهي ممارسات فردية ولأسباب شخصية لا أكثر. ● يعاني الأردن من ارتفاع في الأسعار، كيف ترون ذلك؟ وما أسبابه؟ وهل ثمة حلول مقترحة؟ ●● لم يعد خافيا على أحد أن الأردن يعيش ظروفا اقتصادية صعبة، انعكست على أسعار السلع والخدمات، لكن السبب الأهم لهذا الارتفاع هو الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت على الأوضاع المعيشية في جل بلدان العالم، وليس على الأردن فحسب، بدليل أن الارتفاع في أسعار السلع والخدمات هو حالة عامة وليست أردنية. ونحن نعمل بجد لتلافي آثارها، والتخفيف من أعبائها المعيشية على المواطنين وضيوف الأردن في آن معا. ● يشكل الأردن نموذجا للأمن والاستقرار في المنطقة.. فما سر هذا التميز لديكم؟ ●● الفضل بعد الله يعود إلى وجود قيادة حكيمة على مر التاريخ، تسعى على الدوام إلى حماية مصالح الأردنيين، والحفاظ على كيان الدولة، والتخطيط لمستقبلها الآمن، والحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الدول الشقيقة والصديقة، واستحقت بذلك أن تنال ثقة أبناء الوطن، والتفافهم حولها، وثقتهم بقدرتها على قيادة الدولة في أصعب المراحل، والعبور بها إلى بر الأمان. كما يعود الفضل إلى الحالة المتقدمة من الوعي والتماسك التي يعيشها الأردنيون، وحرصهم الكبير على حماية وطنهم والحفاظ على قيادته، وتحملهم جميع الظروف والأعباء في سبيل ذلك.