في خبر طريف من لوس أنجلوس أن مهندسا للقطارات أوقف قطارا وسط شارع مزدحم ليشتري طعام غذائه من مطعم قريب، متسببا بأزمة مرورية خانقة، ومثيرا غضبا عارما وسط سائقي السيارات. هل سيلوم أحدنا شركة القطارات لعدم الاهتمام بموظفيها وعدم توفير غذاء لهم، هل سينبري آخر للوم استعجال سائقي السيارات وعدم تحليهم بالصبر تقديرا للحاجات الإنسانية، وتخليهم عن روح العلاقات الإنسانية، أم سيأتي ثالث ليضع اللوم على ضيق الشوارع وقلتها. بالقطع جميعنا سنلوم المهندس الذي أخل بواجبه المهني، لكن ليس هذا موضوعي اليوم، أريد فقط التذكير بما جاء في الأثر، بالتماس السبعين عذرا للأخ المخطئ. تذكروا أحداثا مشابهة تحدث كل يوم في حياتنا دون محاولة لتفهم الملابسات، مثلا ساعة توقف القطار عن الحركة، لم يكن أحد المتضررين يعلم شيئا عن سبب التوقف، ويمكنني الزعم أن عددا قليلا جدا من أبواق السيارات قد انطلق احتجاجا على التوقف غير المفهوم للقطار ومنع حركة السيارات، ربما لو عرف السبب وقتها لتبرع أحد السائقين المتواجدين والمتعطلين لمواجهة السائق والصراخ في وجهه، وربما أقام بعضهم، بعد معرفة السبب، دعوى تعويض على شركة «يونيون باسفيك ريل» صاحبة القطار لتعطيله عن صفقة ما أو موعد هام، أو أي سبب آخر، لكن الجميع التزم الهدوء حتى تم حل المشكلة، هذا وهم غير المسلمين التمسوا العذر، فماذا عنا نحن المسلمين. أحكي لكم قصة معاكسة، تذكرون قصة الحادث الكبير قبل بضع سنوات على خط جدةمكة السريع عند الشميسي، يومها تراكمت صفوف السيارات على امتداد أكثر من عشرة كيلومترات لأكثر من ساعتين حتى تمكن رجال المرور والشرطة والإسعاف من فتح ثغرة لعبور السيارات المنتظرة، كثير من المنتظرين تسابقوا للخروج فزادوا الطين بلة، بعضهم قطع السلك الفاصل للطريق ونكصوا عائدين لمنازلهم، لم يزعجني ذلك كثيرا، ربما معهم أطفال لم يصبروا جوعا أو عطشا، ما أزعجني حقا وقوف سيارة إسعاف بجانبي تريد الوصول لمكان الحادث والطريق مسدود بالكامل، ومع ذلك أصر قائدها على إبقاء «ونانه» شغالا وبأعلى صوت، ومزعجا برغم قفل زجاج نوافذ سيارتي وتشغيل المذياع بصوت عالٍ، حاولت إفهامه عدم جدوى إطلاق الصوت المزعج عبر مكبر الصوت، ولا مجال للتقدم أمامه، نظر لي باستهجان وقال إنه يقوم بمهامه الرسمية، هل كان يمكنني أن أجد له عذرا من سبعين، قطعا لم أفعل، سلمت أمري لله وتشاغلت مع أسرتي عنه.