ثمة من البطولات التي تعمل الأندية من أجل تحقيقها، لها قيمة فخمة ومكانة مرموقة يسعى كل ناد الوصول إليها كبطولة الدوري، التي نتفق عليها جميعا بأنها هي البطولة الأهم والأغلى والأكثر طموحا بين المتنافسين. ونتفق أيضا بأن لهذه البطولة مهرا باهظا يجب أن يدفع، وطريقا شائكا لا بد أن يسلك لمن أراد بلوغ المعالي، فليس في مقدرة كل الطامحين تحقيق ذلك، فهناك من يستطيع عبوره وهناك من يعجز عن تحمل مشقة الطريق برغم كل الإمكانات المتاحة أمامه. لكن الذي يجب أن نعترف به أيضا بأن بطولة الدوري أحيانا تذهب للأبطال على طبق من ذهب، وهذا لا يحدث إلا في النادر، وأحيانا أخرى تولد البطولة من رحم التحديات، ولعل فريق النصر العائد إلى مكانه الطبيعي يعد أحد هؤلاء الأبطال الذين انتزعوا البطولة من رحم تحدياتها، واضعا بصمته على جبين الكرة السعودية، راسما علامات البهجة والسرور على محيا محبيه، ليس لأنه بطل الدوري، فقد اعتاد النصراويون هذا اللقب، وإنما لأنه أصبح فارسا مغوارا بجميع مسمياته وأدواته، استطاع في لحظة تاريخية إعادت كل مكتسباته المفقودة في الفترة الماضية. فالمتابع للنصر يدرك حجم التحديات، وعندما نقول تحديات فإننا لا نقصد تحديات الظروف كالإصابات والإرهاق وتغير المدربين، وإنما القصد منها التحديات التي أحيطت به منذ العام الماضي، عندما كان في منافسة محتدمة مع الهلال، وبرغم شدتها إلا أنه كان صامدا حتى النهاية، وفي هذا العام تكرر نفس المشهد مع منافس لا يقل شأنا عن الهلال، حيث دخل في تحد أقوى وأشرس مع الأهلي، وبرغم عنفوان الأخير وحضوره المميز لم يرم الفارس منديله إلا بنهاية السباق. كما أنه لم يكن تحديه للأهلي بالتحدي الوحيد الذي واجه العالمي في مشواره للدفاع عن لقبه، وإنما كانت هناك مجموعة من التحديات ابتدأت من كيفية المحافظة على لقبه وإثبات جدارته به العام الماضي، ومرورا بسلسلة من التحديات التي اصطدم بها في الثلث الأخير من الدوري ولاسيما بعد خسارته الثانية من الأهلي التي خرج منها أكثر قوة وصلابة، واستمر في تحديه بإصرار كبير وعزيمة أكبر، فتخطى الاتحاد وأسقط الهلال وانطلق بجواده الأصيل نحو منصات التتويج. ولعل تحديه مع الهلال على وجه الخصوص كان تحديا تاريخيا، بحث فيه أبناء الزعيم عن إيقاف القطار النصراوي السريع وتسديد فواتيره السابقة، ورد ثأره التاريخي لحرمانه من دوريين سابقين كانا في متناول اليد في ذلك الحين، إلا أن الفارس أكد علو كعبه مرة أخرى بعدما تلاعب بكبرياء الزعيم وهيبته ولم يكتف بذلك، حيث أرادها تتويجا نصراويا يسر الناظرين.