في أربعة مجلدات رائعة الإخراج كتب الدكتور حسن محمد با جودة أستاذ الدراسات القرآنية البيانية بجامعة أم القرى، السيرة النبوية من القرآن الكريم. وقد كتب الدكتور با جودة ما جاء من السيرة النبوية في الفترة المكية في مجلد مستقل. وفي ثلاثة أجزاء نواصل الحديث عن السيرة النبوية على النحو التالي : ففي الجزء الأول من الهجرة حتى غزوة الأحزاب. وفي الجزء الثاني من غزوة بني المصطلق حتى تبوك. وفي الجزء الثالث من حجة الوداع حتى وفاته صلى الله عليه وسلم. وفي التمهيد يقول الدكتور با جودة : شاء الله تعالى أن أقف مليا عند الحديث الذي رواه الصحابي الجليل واثلة بن الأسقع رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي بين صلى الله عليه وسلم فيه أن الله تعالى اصطفاه من بني هاشم، واصطفى بني هاشم من قريش إلى آخر الحديث. وبشأن هذا الصحابي الجليل استهوتني حياته العظيمة وتضحياته وزهده في الدنيا، فقد كان من أصحاب الصفة. وقد أكرم الله تعالى الصحابي الجليل كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه فحمله معه إلى غزوة تبوك. كان واثلة بن الأسقع أحد الذين فاضت أعينهم من الدمع حينما بين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجد ما يحملهم عليه من الظهر إلى تبوك، وفي المقابل حمل كعب بن عجرة واثلة تعهد بأن يدفع لكعب كل ما ينال من الغنيمة، تظاهر كعب بقبول تعهد واثلة، كي يرفع عنه الحرج حينما يخص كعب واثلة بأطيب الطعام وبالقسط الأكبر من الراحلة والراحة. شاء الله تعالى أن يكون كل من الصحابيين الجليلين في جيش خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك إلى أكيدر دومة الجندل، غنم واثلة في هذا البعث ست نياق أتى بها وفاء بعهده إلى كعب بن عجرة الذي خرج إليه من مكانه وهو يبتسم ويقول : بارك الله لك، ما حملتك وأنا أريد آخذ منك شيئا. لقد ضرب كل من الصحابيين الجليلين المثل الأعلى في الوفاء وسمو الهمة ابتغاء مرضاة الله تعالى. لقد هزتني هذه الأنواع من المروءات هزا عنيفا، ووجدتني راغبا في أن أبدأ الكتابة في السيرة النبوية من القرآن الكريم منطلقا من دروس تبوك، وبدلا من أن يكتب القلم السيرة العطرة نثرا كتب شعرا. ثم يمضي الدكتور با جودة في سرد السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ليتمها في أربعة أجزاء بحروف تضيء بنور القرآن، وما جاء عن الرسالة التي بعث الله بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. جزى الله الدكتور حسن محمد باجودة خيرا على ما أثرى به المكتبة العربية والشكر له على إهدائه الكريم. السطر الأخير : {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم }.