كمتخصص في تحليل الخطاب الإعلامي، اخترت أن يستعرض هذا المقال الخطاب الإعلامي السياسي الأوروبي الذي يواكب #عاصفة_الحزم التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله والتي رسمت خطا سياسيا جديدا حازما، تم في سبيله تجنيد فكر بشري وتقنيات تواصل حديثه تصل بالقرار السعودي إلى عمق الفكر الأوروبي، الذي يعرف جيدا أن الحزم السعودي رافقته حكمة ورؤية وسياسة نفس طويل ألبست مدرسة الدبلوماسية السعودية ثوب الرصانة والهيبة، ما انعكس احتراما دوليا. وعلى الطريقة التقليدية، بدأ خطاب الصحافة الأوروبية مع انطلاقة العاصفة بتحليل بدائي أولي على أن المملكة دخلت حربا من المستحيل الفوز فيها، أو على الأفل محدودية تأثيرها على الأحداث الشرق أوسطية، وأنه في حالة خسارة هذا الرهان، فإن السعودية ستفقد صدقيتها في المنطقة. وما هي إلا أيام وينقلب الخطاب الأوروبي رأسا على عقب، وتتحول الأقلام بجميع ألوانها في محاولة لقراءة موضوعية للحزم السعودي، ليكون وصف عاصفة الحزم في الصحافة ب«الكرت الأحمر» لأطماع العابثين في منطقة الشرق الأوسط، متيقنين من صرامة ضربات التحالف التي شكلت عاملا مؤثرا في حسم معادلة استقرار اليمن، بعيدا عن التنظير في قاعات الاجتماعات الذي استساغه الفكر الأوروبي في التعاطي مع هذه الملفات، وتمتد القراءة الإعلامية إلى اليقين بأن عاصفة الحزم من شأنها لجم المد الإيراني المتسبب في زعزعة أمن شعوب المنطقة، خصوصا في العراق وسورية والذي امتد شره إلى عمق أوروبا. لم يتوقف الخطاب الأوروبي الجديد في التعاطي مع عاصفة الحزم عند هذا الحد، بل ذهبت إحدى كبريات الصحف الفرنسية «لوموند» لتختار لغلافها الثمين الجذاب عنوان «يقظة سعودية»، وهي رسالة مفادها اعتماد السعوديين على أنفسهم، مركزة على المفاجأة والارتباك الذي خيم على لوزان السويسرية إثر التجاهل السعودي الموجع للمفاوضات الغربية الإيرانية في منتجع أوربي فاخر. أسبوعية «لوبوان» الفرنسية، والتي نشرت حوارا مطولا مع السفير الفرنسي الأسبق في اليمن تحت عنوان «هكذا تدفع إيران بيادقها»، والذي أقر في حديثه قوة الرد السعودي الحازم على تحالفات ظرفية نشأت في السنوات الأخيرة يراد منها الزج بالمنطقة في حرب طائفية تستغلها إيران لمدة طويلة. الخطاب الإعلامي الأوروبي أسهب بإعجاب كبير حول قدرة المملكة القوية في التعبوية الدبلوماسية بإشارة إلى مشاركة دول في عاصفة الحزم ومبادرة تلقائية مطلقة من دول عدة بالتأييد دون الاستناد إلى قرار أممي، وهو ما يتجلى أمامي في حديث ممثلي دول منظمة اليونيسكو حيث مقر عملي، الذين تحولوا بدورهم ليفضلوا الحديث عقب الاستماع للموقف السعودي بهدف سير اللغة متحدة معه.