جاء في التقرير السنوي لوحدة التحريات بوزارة الداخلية أنها تلقت حوالي 2380 بلاغا لعمليات مالية مشبوهة تتعلق بغسيل أموال وتمويل إرهاب، ثبت منها 192 حالة غسيل أموال، وبعد دراسة 118 حالة اشتباه بتمويل إرهاب ثبت منها 29 حالة، أحيلت جميعها إلى جهات التحقيق وقد أصدرت المحاكم المختصة أحكاما قضائية بلغت نحو 42 حكما بإدانة حوالي 65 متهما ينتمون لعدة جنسيات مختلفة ما بين السجن والمصادرة والغرامة والتعزير، ورصد التقرير ارتفاعا ملحوظا في عدد البلاغات وصل نسبة 93 % بين العامين 2009 و2013، وأن معظم البلاغات وردت من مؤسسات مالية لجرائم غسل الأموال (2039 غسل أموال، 74 تمويل إرهاب)، أما الجهات الحكومية فقدمت 300 بلاغ غسل أموال و16 تمويل إرهاب، والأفراد 38 غسل أموال و27 تمويل إرهاب، علما بأن وحدة التحريات تتعاون دوليا مع عدة جهات حكومية وخاصة لتبادل المعلومات وفقا للمعايير الدولية. (المدينة، 6 أبريل الجاري). حسب التقرير هذه بلاغات وصلت لوحدة التحريات، ولا شك أن ما خفي أعظم، وأن هذا مجرد قمة الجبل الظاهرة، بيد أن سؤالي ليس هنا، أترك هذه النقطة للسادة موظفي الوحدة، سؤالي الأهم، هل يقتصر عملهم على تحري ما يصلهم أم أن لهم تحرياتهم الخاصة لكشف هذه العمليات، فإن اقتصر عمل وحدة التحريات على تحري ما يصلها من بلاغات فهذه مهمة يمكن أن يقوم بها أي مكتب تحقيق من موظفين اثنين أو ثلاثة، ولن تكون مجدية أمام تنامي هذا العمل الإجرامي عالميا ومحليا (نسبة نمو 93% مخيفة). عمليات التحري تتطلب المبادرة إلى البحث والتقصي عن هذه العمليات المدمرة للاقتصاد، ويتطلب أن يكون لوحدة التحري نشاطها الميداني في السوق المحلي لتتبع حالات تجري أحيانا في العلن دون خوف من رقيب أو حسيب، أو تلك التي تتم عبر الشبكة العنكبوتية، هذه ما تفعله أجهزة التحري المماثلة في بقية دول العالم ولا ينتظر موظفوها على مكاتبهم الوثيرة بلاغات قد تأتي وقد لا تأتي، وقد يكون بعضها كيديا، وهو ما يعطي رسالة قوية للمخالفين الأشرار أن خلفهم من يطاردهم ويتتبع إجراءاتهم غير النظامية. وهنا لوزارة المالية ومؤسسة النقد دور محوري وهام، بفرض فتح حساب بنكي لكل متداول في السوق، وتجريم التعامل النقدي الذي يعطي الفرصة للمخالفين بتبييض أموالهم وغسلها، أو توصيلها لجهات إرهابية.