يقال إن رجلا جاء إلى صديق له وهو مرتاع لأن زوجه هددته بأنها سوف تؤذي بنيه أذى لا يتوقعه إن هو طلقها أو تزوج عليها، فأخذ تهديدها على محمل الجد لاسيما أنه لمس فيها نزعة الشر وقسوة القلب وكونها تعامل أطفالها بغلظة وتعنفهم على أي خطأ ولو كان بريئا حتى أصبحوا يهابونها أكثر منه ويقفون أمامها خاضعين مثل الخراف أمام الجزار فهدأ صديقه من مخاوفه وقال له: أثقل يا رجل ألم تسمع بالمثل الشعبي الذي يؤكد أن «الغولة لا تأكل أبناءها»، فهدأ روعه وشكر لصديقه نصحه، ولكنه عاد إليه بعد أيام حاملا جريدة يومية وفيها خبر قيام أم بقتل طفلها الصغير بعد تعريضه لتعذيب شديد أدى إلى وفاته متأثرا بجراحه التي شملت كل جسده الغض بما في ذلك رأسه وصدره وظهره، وألقى الرجل نسخة الجريدة بين يدي صديقه وقال له: ها هي الغولة أكلت ابنها دون رحمة فوجم ذلك الصديق وحوقل وحسبل ولاذ بالصمت! وقد يبلغ العناد والحقد بين رجل وزوجه بعد طلاقه لها إلى حد انعكاس تلك المشاعر السوداء ضد أبنائه منها في حالة حضانته لهم، وقد سجلت الصحف والمحاكم وقائع مؤلمة عن صغار ماتوا تحت التعذيب على يد زوج أبيهم وبمشاركة أو تواطؤ أو تجاهل منه حتى ليتساءل الإنسان عما إذا كان أولئك الأطفال هم جزء من أولئك القساة وفلذات لأكبادهم أم أنهم غير ذلك، وكيف تغلغلت القسوة والفظاظة وعدم الرحمة إلى قلوب أولئك الآباء والأمهات إلى درجة ممارسة التعذيب القاتل ضد صغارهم الأبرياء. لقد بلغت القسوة بأحد الآباء أنه أخذ يضرب صغيره بلا رحمة حتى سالت الدماء من جسده الغض لأنه ضبطه ذات يوم يهاتف والدته المطلقة ويعبر لها عن أشواقه نحوها فانهال عليه أبوه بالعصا حتى أدماه وقد نسي أن تلك المرأة هي أم طفله الذي لا ذنب له فيما حصل بين أبيه وأمه من شقاق وطلاق وفراق فهي أمه التي ولدته وغذته من دمها ومن لبنها من قبل ومن بعد، ولكن كيف يفهم القساة هذه الحقيقة وقد قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!.